خمسة وعشرون قراراً ستغير وجه الصناعة السورية.. فهل سيصل التغيير إلى اللب؟
مقدار من التشاؤم قد لايبدو موضوعياً في قاموس القائمين على ادارة ومواجهة الازمة في القطاع الصناعي عامة الا انه مبرر استناداً لما مر ويمر به هذا القطاع
واستناداً لمقياس النتائج المحققة والذي يشير صراحة الى تواضعها وضعفها بل تراجعها رغم كل القرارات والاجراءات التي اتخذتها الحكومة سابقاً.
فأكثر من 80٪ مطالب الصناعيين التي خرج بها مؤتمرهم الثاني «التنمية والتحديات» 2008 قد تمت تلبيتها شأنها شأن العديد من المطالب السابقة في المؤتمر الاول «قلمك اخضر» 2005 اضافة الى قرارات وقوانين ومراسيم صبت بعضها مباشرة واخرى بشكل غير مباشر في اوردة الصناعة الوطنية وشكلت بمجملها روافع حقيقة لاخراج «صناعتنا» من واقعها المترهل وفقاً لما ذكرته البعث.
قرارات غير مسبوقة
الان وبعد الـ /25/ قراراً و، اجراء الجديد، شكلاً ومضموناً وغير المسبوقة التي اتخذتها الحكومة لدعم الصناعة الوطنية وفوق ذلك صدور المرسوم التشريعي رقم /6/ القاضي بإحداث هيئة لتنمية وترويج الصادرات… ايام مشهودة في تاريخ الصناعة السورية دون مبالغة وتستحق ان يقال فيها: «حدث في مثل هذا اليوم» فتلك الايام بمعطياتها لابد ان تجب ماقبلها في واقع صناعي وعليه تستحق الحكومة اكثر من مجرد كلمة شكر وتقدير.
اقرار واعتراف خاص
جملة من الخطوات الفاعلة والداعمة للصناعة الوطنية لم يستطع انكار ابعادها الصناعيون على مختلف مصالحهم ورؤاهم وغاياتهم بل اعتبرها معظمهم المقومات التي طالما انتظروها لتمكين الصناعة الوطنية من النجاح والمنافسة والنهوض وفي الوقت نفسه حمايتها من المستورد والاغراق فماذا أكثر ؟!
اذاً، وبمثل هكذا اقرار واعتراف من قبل الصناعيين في القطاع الخاص تحديداً تكون الحكومة قد وضعت- وكما يقال- الكرة في ملعبهم ليبق الترقب الان ولاحقاً هو سيد الموقف لنرى ماهم فاعلون بعدما نالوا معظم ان لم يكن كل مبتغاهم.
أمام مسؤولياتهم؟
خمسة وعشرون قراراً توجت ما قبلها من قرارات كثيرة اقرت لتقطع الطريق على المتلاعبين والمشككين في ارباب «الصناعي الخاص» ووضعتهم امام مسؤولياتهم كي يترجموا فعلاً شعار «صنع في سورية» ليس محلياً فقط بل عالمياًَ ايضاً كما وضعتهم امام واجباتهم المالية تجاه وطنهم «انهاء التهرب الضريبي وغيره من التهرب» وامام واجباتهم الاخلاقية والانسانية والاجتماعية تجاه العاملين وقوة عملهم في منـشآتهم وو.. وليثبتوا فعلاً انهم احد جناحي اقتصادنا الوطني..
وفي هذا السياق ليس بوسعنا الا استغراب ما صرح به علانية احد الصناعيين المشهورين مطالباً الحكومة بتخفيضات رسوم مؤسسة التأمينات الاجتماعية والعمل على تعديل قانون العمل ؟؟ رغم تأكيده كغيره من الصناعيين بأن تلك القرارات الجديدة جاءت شاملة وستؤسس لمرحلة جديدة في تطوير وتحديث الصناعة الوطنية بل ذهب البعض الى اكثر من ذلك فاعتبروها يوماً هاماً ومفصلياً من تاريخ الصناعة السورية.
الذي ماله اول..؟
وبالعودة لتفاصيل الواقع الصناعي عامة يقال «الحديث في الماضي نقصان في العقل» وهذا يصح في حالة ان ما اصبح ماضياً لم يعد يؤثر في الحاضر والمستقبل ولكن في حالة استمرار تأثر حاضرنا الصناعي بسلبيات ماضية من حيث تخلف اليات العمل والانتاج وادواته وانعكاس ذلك سلباً على ارتفاع تكاليف الانتاج واسعار ومواصفات وجودة المنتج الوطني وبالتالي ما وصل اليه من عدم القدرة على المنافسة حتى الداخلية وتوازياً مع ذلك تخلف اساليب الترويج وضعف القدرة على التسويق وهي قضايا اشكالية يجب الاعتراف بـأنها لاتزال قائمة لانها قد تحد لدرجة ما من فاعلية وقوة القرارات التي اتخذت لدعم الصناعة الوطنية وخاصة في قطاعنا العام الذي لايزال يشهد حتى الان محاولات اصلاحية غير واضحة الملامح ومضمونة النتائج..
باعتقادنا ان المأخذ اليتيم على القرارات الجديدة رغم اهميتها وصداها يكمن في توقيتها ومكانها وشموليتها وهي ماكنا دائماً في الاعلام ننبه الى ضرورة مراعاتها في اي قرار يتخذ بمعنى، انها لو جاءت استباقية لاكردة فعل على وضع مأزوم ضاغط كي تأخذ حقها ومداها في التجسيد على ارض الواقع دون منغصات وتأخير لكان الامر افضل ولكننا الان نحصد ايجابياتها اليس «كل شيء في وقته حلو»
فالملاحظ من خلال متابعتنا للجهات المعنية بتنفيذ تلك القرارات في وزارات وجهات حكومية انها الان تحاول جاهدة مسابقة الزمن لاعداد التعليمات التنفيذية لكيفية تطبيق ما تم اتخاذه فما عهدناه ان المشكلة لاتكمن في القرار بل فيما بعده.. وهو امر لاشك يحتاج وقتاً وجهداً ودراسة ومناقشة، خاصة وان كل قرار من تلك القرارات الجديدة هو في حد ذاته قضية شائكة «اعفاء القروض من غرامات التأخير، اعادة النظر، وتوحيد الرسوم الجمركية للخيوط القطنية ،وتخفيض سعر الكيلو واط للطاقة الكهربائية وتخفيض اسعار الفيول والغاء المخصصات الصناعية والعمولات والموافقة على تخفيض النفقات والمصاريف الشخصية بمعنى اسقاطها من الارباح وغيرها» هذا من جهة توقيت القرار..
المنشآت المستحقة؟!
اما من جهة مكان تطبيقه فمن الضروري لفت الانتباه الى اهمية تحديد المنشآت الصناعية التي يحق لها الاستفادة من تلك القرارات والاهم وضع المعايير وتحديد الاشتراطات التي بموجبها تحدد المنشآت المستحقة اذا ان التحليل الفني والمادي الذي اصدرته وزارة الصناعة في تقريرها عن واقع الاستثمار الصناعي في سورية مابين 1985- 2007 يظهر ان المنشآت الصناعية المرخصة والموجودة فعليا على احكام القوانين «حرفية القانون 21- قانون الاستثمار 10 لعام 1991»، لاتعبر عن الواقع الحقيقي سواء لجهة رأسمال هذه المشاريع او عدد العمال في المنشآت الصناعية والسبب في هذا يعود حسب التقرير لعدم صحة المعلومات التي تم تسجيلها لدى الدوائر الصناعية وذلك خوفا من الدوائر المالية وكشف الدخل الفعلي لاصحابها وغير ذلك من التهرب.
أبنفس السوية والشمولية؟
لعله من الموضوعي التساؤل: هل ستكون الانعكاسات الايجابية للقرارات الجديدة الداعمة للصناعة الوطنية على «الخاص» بنفس الفاعلية والتأثير والشمولية على قطاعنا الصناعي العام؟ ام ان ماتوصلت اليه الحكومة واقرته من اجراءات وحلول كعرض الشركات الخاسرة للاستثمار السياحي او التشغيل لصالح الغير بهدف اعادة تلك الشركات لحالة التوازن ومن ثم الربح كاف لخروج شركاتنا المخسرة من شرنقة مشكلاتها وهل ستتمكن المشاريع التي وقعت عقودها مع مستثمرين من القطاع الخاص 9 مشاريع في تسع شركات في اطار ما اطلق عليه، اعادة هيكلة اصلاح القطاع الصناعي العام، من اعادة الحياة والفاعلية لتلك الشركات من خلال تحقيق جدوى اقتصادية اعلى وقيمة مضافة كبيرة حسب تأكيدات وزارة الصناعة؟
احتمالات مفتوحة
اسئلة مفتوحة على احتمالات عدة.. وبعد طول انتظار.. يظل ترقب النتائج هو سيد الموقف.. وعلى عكس مابدأنا به مادتنا وفيه شيء من التشاؤم ننهي بتفاؤل، فرض نفسه بقوة بعد الـ 25 قراراً، والاجماع الصناعي على اهميتها وقدرتها على دعم صناعتنا الوطنية والنهوض بها، يؤكد ان تلك القرارات ستكون القشة التي ستقوي ظهر صناعتنا وليس العكس بل اكثر من ذلك ستكون مع ماسبقها المسنن الاقوى الذي سينقل الصناعة الوطنية من عصرها البرونزي الى عصرها الذهبي فهل نفعل؟؟