القدسُ أمُّ المدائن؛ عاصمة فلسطين
قل لي أأنت أيا “ترمبُ” العاقلُ…
ظَهرتْ عليكَ من الغَباءِ دلائلُ
ألقدسُ عاصمةُ اليهودِ؟ عجيبةٌ…
دعواكَ كانتَ للضلالِ حَبائلُ
القدسُ عاصمةُ الإباءِ عَصيةٌ…
هي للعروبةِ مرتعٌ ومنازِلُ
من فَجرِ تاريخِ الشعوبِ منارةٌ…
للأتقياءِ وللفِداءِ معامِلُ
إن عُروبة مدينة القدس مما لا يُشكُّ فيه؛ فهي تضربُ في عُمق التاريخ البشري إلى ما قبلَ الإسلام بقرونٍ عديدة؛ حيث سكنها العربُ. فالقُدس عربية النشأة والتكوين إسلامية الهوية والتحسين، حضارتها الإسلامية بارزة في ملامحها لا يُنكرُ ذلك ذو عقل.
إنها أمُّ المدائن الصامدة عبر التاريخ أمام هجمات الغزاة؛ هُدمت بشكلٍ كُلّي وأُعيدَ بناؤها ثمانية عشر مرّة؛ على أنها وعبر الزمان بقيت قائمة تحملُ اسمها وتصدحُ به في أرجاء المعمورة بصوتها العربي العظيم.
وزعم الصهاينة أن القدس مدينتهم؛ غير أن السؤال هو: أي مدينة من الثمانية عشر كانت لهم؟ فهل يا تُرى هي أورشليم التي التي هدمها الرومان مرتين، وأزالوها من الوجود تماماً، أم أنها أورشليم التي اندثرت بسببهم، ثم جاء المسلمون وفتحوا المدينة، ولم يأخذوها من اليهود، بل من الرومان أعداء اليهود، وحافظوا على كنائسها ومعابدها، وفي أثناء الحكم الإسلامي وحده شرع اليهود يعودون إلى القدس ويقيمون فيها المعابد وفق الشروط التي وضعها الإسلام لأهل الذمة، ولم تستقر القدس وتنعم بالسلم الدائم إلا في العهد الإسلامي؛ حيث عاش سائر أطياف الناس من مسلمين ومسيحيين ويهود في أمانٍ وسلام .
وكعادة اليهود الصهاينة في تزوير الحقائق راحوا يزعمون أن القدس عبرية؛ ويضعون الخطط لاستلابها وتهويدها؛ وأخذوا بعد الاحتلال يحفرون وينقبون لعلَّهم يجدون ما يؤيّدُ تزييفهم، فلم يجدوا سوى آثار لمواقع إسلامية ورومانية، ومع ذلك زاد استكبارهم وزادت غطرستهم وادعاءاتهم التي لا مستند لها إلا قوة الاغتصاب العسكرية وكذب ما يُسمى بالشرعية الدولية.
وفي هذه الأيام يطلُعُ علينا "ترامب" ليُتحِفُنا أنه قرر أن القدس عاصمة للصهاينة؛ والحقيقة أننا لا نتوقع منه أيُّ خير، ومتى جاء رئيس أمريكي بكلمة حقٍّ تجاه القدس، وهو الذي يوجهه ويموّله ويدعمه في انتخاباته "اللوبي الصهيوني"
ورغم العلم المُطلق بأنَّ مُستقبل القدس لا يمكن أن يحدده ترامب أو غيره أو أن ترسمه دولة أو مملكة؛ بل يحدده ويرسمه تاريخُ القدس العريق وإرادة شعبها وعزيمة الأوفياء لقضيتها – القضية الفلسطينية – غير أنني تذكرتُ قراراً قديماً كان قد اُتُّخذ من ظالم؛ عندما قرر أبرهة الحبشي هدم الكعبة المُشرَّفة وسار بجيشِهِ وفيلِهِ إلى مكّة المكرمة، ماذا حدث؟ كان العربُ ضعفاء متفرّقون، لا يختلف حالهم كثيراً عن واقعنا الذي نعيشه، تحدَّث زعيمهم جدُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم للتاريخ وللعدو فقال: للبيت ربٌّ يحميه؛ فما كان من ربِّ البيت إلا أن أرسل على أبرهة وجنوده {طيراً أبابيل ترميهم بحجارةٍ من سجيل فجعلهم كعصفٍ مأكول}؛ وأما تشرذم الواقع العربي يقولُ كل من يحملُ في قلبه حُرقة على القدس: للأقصى ربٌّ يحميه.
وستبقى القدسُ عربية الشخصية مسلمة الهوية؛ وسيأتي يوم تتحرر فيه من المُحتل الصهيوني البغيض الآثم؛ بسواعد شعب أمتنا العربية العظيم بعيداً عن أميرٍ خائنٍ وملكٍ متخاذلٍ ولاهثٍ إلى أحضان أعداء الأمة.
القدسُ عاصمة فلسطين وستبقى كذلك إلى يوم الدين.