رفض عربي ودولي لقرار المحكمة الجنائية الدولية
مجلس الجامعة العربية: تضامن كامل مع السودان في وجه محاولات استهداف وحدته واستقراره
عقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعاً طارئاً على مستوى وزراء الخارجية العرب أمس لبحث قرار الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير وذلك بناء على طلب السودان.
وأعرب المجلس عن انزعاجه الشديد لصدور قرار الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس البشير رئيس جمهورية السودان.
وأكد المجلس التضامن مع جمهورية السودان في مواجهة أي مخططات تستهدف النيل من سيادته ووحدته واستقراره وأهلية القضاء السوداني واستقلاليته كونه صاحب الولاية الأصلية في إحقاق العدالة ورفض أي محاولات لتسييس مبادئ العدالة الدولية واستخدامها في الانتقاص من سيادة الدول ووحدتها واستقرارها.
كما أعرب المجلس الذي مثل سورية في اجتماعه السيد يوسف أحمد سفير سورية لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية عن الأسف لعدم تمكن مجلس الأمن من استخدام المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لتأجيل الإجراءات المتخذة من قبل المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير مؤكداً على حصانة رؤساء الدول وفقاً لاتفاقية فيينا للحصانات والامتيازات الدبلوماسية لعام 1961. وأكد المجلس أن إصدار هذا القرار يتجاوز الجهود الإفريقية والعربية للإحاطة بهذه الأزمة ولا يأخذ في الاعتبار متطلبات العدالة وتحقيق الاستقرار والسلام في السودان واعتبارات معالجة الوضع في دارفور وبصفة خاصة تنفيذ اتفاق السلام الخاص بجنوب السودان والإعداد للانتخابات العامة خلال النصف الثاني من هذا العام مشيراً إلى أن صدور هذا القرار يضع صعوبات بالغة أمام هذه الجهود لإقرار السلام وانفاذ اتفاقية السلام في الجنوب.
وطالب مجلس الجامعة مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته تجاه حفظ السلم الأهلي والاستقرار في السودان في ظل الجهود الحثيثة التي تقوم بها حكومة الوحدة الوطنية لتحقيق السلام الشامل في كل ربوع البلاد وحث الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن على التوصل إلى موقف موحد لحماية السلام والاستقرار في السودان واتاحة الفرصة لتحقيق تقدم على مسار التسوية السياسية لأزمة دارفور.
ودعا المجلس جميع الأطراف في السودان إلى عدم إتاحة الفرصة لتقويض جهود التسوية السياسية لأزمة دارفور أو خلق مناخ من عدم الاستقرار في البلاد يهدد مستقبل جهود إحلال السلام في دارفور أو مسيرة السلام في الجنوب أو أي أعمال من شأنها الإضرار بالأوضاع الأمنية على الأرض. كما دعا المجلس الأطراف الإقليمية والدولية إلى المساهمة في توفير الدعم المناسب والمناخ الملائم لمسار التسوية السياسية بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور وتجنب كل ما من شأنه إعاقة مسار السلم الأهلي الشامل في السودان.
وطالب مجلس الجامعة بمواصلة الجهود المشتركة بين جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي بالتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز لمواجهة الآثار المترتبة على هذا القرار لدى مجلس الأمن بما في ذلك إرسال وفد مشترك عربي إفريقي رفيع المستوى إلى مجلس الأمن لتأجيل الإجراءات المتخذة من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
وأبقى مجلس جامعة الدول العربية دورته مفتوحة لمتابعة الوضع والإعداد لعرض الموضوع على القمة العربية المقبلة في الدوحة.
موسكو تعتبر القرار سابقة خطيرة وفي موسكو أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن قرار المحكمة الجنائية الدولية سيؤدي إلى تقويض الأوضاع في السودان. وقال ناطق باسم الخارجية الروسية في تصريح له إن هذا القرار لن يسهم في التوصل إلى تسوية لقضية دارفور. بدوره قال ميخائيل مارغيلوف مبعوث الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف إلى السودان رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي إن إصدار مذكرة التوقيف تشكل سابقة خطيرة في نظام العلاقات الدولية. وأضاف في تصريحات له أنه يمكن أن تكون للمذكرة آثار سلبية على السودان منتقداً ازدواجية المعايير التي تعتمدها هذه المحكمة. وأشار إلى أنه يشاطر الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي قلقهم حول العواقب السلبية المحتملة لهذا القرار. ودعا مجلس الأمن الدولي إلى عقد اجتماع عاجل وطارئ بهدف إتخاذ قرار بطلب تفعيل المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة لتأجيل تنفيذ قرار التوقيف. الصين تدعو مجلس الأمن لتعطيل القرار بدورها حثت الصين العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي المجلس على تعطيل القرار الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية كين جانغ في بيان نشره موقع الوزارة على شبكة الانترنت إن بكين تأمل بان يلبي مجلس الامن الدولي دعوات من بلدان افريقية وعربية الى تعطيل الاجراءات بحق البشير. وأعرب جانغ عن الأمل بأن يطلب مجلس الأمن من المحكمة الجنائية الدولية أن توقف الاجراءات في هذه القضية. وقال جانغ إن الصين تأسف وتعبر عن قلقها لاصدار المحكمة الجنائية الدولية القرار مؤكدا رفض بكين لأي أفعال قد تضر بالسلام في دارفور. ويشار إلى أن للصين دورا مهما يمكن أن تضطلع به في تطورات المسألة بحق البشير كونها عضوا دائما في المجلس وتملك حق النقض الفيتو. منظمة المؤتمر الإسلامي تنبه من خطورة قرار الجنائية الدولية من جهته أدان الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير وقال إنها تمثل تحركا خاليا من المنطق وتهدد الأمن والاستقرار في السودان. وأعرب أوغلو في بيان عن خيبة أمل شديدة لقرار الاتهام الصادر بحق البشير وأدان التحرك الخالي من المنطق وحذر من أن قرار المحكمة الدولية قد يؤدي إلى حدوث تداعيات خطيرة ويهدد الأمن والاستقرار في السودان والمنطقة بأسرها. وتضم منظمة المؤتمر الإسلامي 57 عضوا ومقرها جدة في السعودية. من جهتها أدانت حركة المقاومة الوطنية الفلسطينية حماس مذكرة اعتقال البشير وطالبت محكمة الجنايات الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق مجرمي الحرب الصهاينة الذين ارتكبوا مجازر وحشية وجرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني واللبناني. وقالت حماس في بيان صحفي اليوم أن القرار الجائر الذي أصدرته محكمة الجنايات الدولية باعتقال الرئيس السوداني يمثل دليلاً جديداً على تبعية هذه المحكمة وانحيازها لمصلحة القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. ليبيا: القرار هدفه زعزعة الأمن والاستقرار في السودان وإفريقيا وفي طرابلس أعلن علي تريكي وزير الشؤون الإفريقية الليبي اليوم أن بلاده ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية وتعلن عدم التزامها به. وقال الوزير الليبي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي إنه قرار غير شرعي ونرفضه وغير معترف به لأنه قرار يهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في السودان وإفريقيا. وأكد الوزير الليبي أن ما حدث في دارفور لا يوازي الجرائم التي وقعت في فلسطين والعراق وافغانستان وتساءل لماذا لا يحاكم جورج بوش على جرائمه. الاتحاد الأفريقي: القرار يهدد السلام في السودان وفي أديس أبابا أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ أن مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية تهدد السلام في السودان. وقال بينغ ان موقف الاتحاد الافريقي هو ان السلام والعدالة يجب ألا يتعارضا وإن مقتضيات العدالة لا يمكن ان تتجاهل مقتضيات السلام مؤكدا ان قرار المحكمة الجنائية الدولية يهدد السلام في السودان وسبق لدول الاتحاد الافريقي الـ"53" أن أعلنت هذا الموقف مراراً. وفي نيويورك دعا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة السودان الى مواصلة التعاون مع جميع هيئات الأمم المتحدة وضمان سلامة أفرادها. وقال كي مون في بيان إن الأمم المتحدة ستواصل القيام بعملياتها وأنشطتها الحيوية المتعلقة بحفظ السلام والمساعدة الإنسانية وحقوق الإنسان والتنمية. بدوره دعا روبرت وود المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية كل الأطراف في السودان وبينهم الحكومة السودانية الى ضبط النفس بعد صدور مذكرة التوقيف. وأضاف في تصريحات للصحفيين خلال وجوده في القدس المحتلة مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون: يجب تجنب حدوث أعمال عنف إضافية. وفي باريس أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية ايريك شوفالييه أنه لن يكون من حل لأزمة دارفور إلا الحل السياسي. يذكر أن السودان رفض تسليم اثنين من مواطنيه أصدرت المحكمة مذكرتي توقيف بحقهما هما أحمد هارون وعلي كوشيب في نيسان 2007 وترفض الحكومة السودانية أي سلطة للمحكمة على السودان.