تهويد القدس أم تهويد دواخلنا
تطرح الآن وعلى شكل واسع نداءات الاستغاثة من كل حدب وصوب لإنقاذ ما تبقى من القدس العربية، وذلك خلال حملة التهويد القائمة في الأرض المحتلة، وتطرح أيضاً وعلى شكل واسع نداءات الاستغاثة من أجل إنقاذ السلطة الفلسطينية
وحركة فتح من جور الإخوة الأعداء، وتطرح أيضاً وعلى شكل أكثر من واسع علاقات التطبيع المبطنة والمغلفة بكل أشكال الزخرف في القول والمال، وتطرح أيضاً كل أشكال السياسات التي تقول بالمفاوضات لاسترجاع ما تبقى من فلسطين، وتطرح…وتطرح …
وكل الذي طرح وما سيطرح من هذه الأقاويل ما هي إلا شكل من أشكال نتائج سايكس-بيكو والتي يجب علينا وضعها أمام أعيننا في كل حل نريده لفلسطين إن كنا صادقين.
فحركة التهويد والتطبيع والسلطة وحركة فتح وغيرها من المقولات غير القابلة للتطبيق لصالح فلسطين التاريخية، نقول هذه المقولات كلها ما هي إلا ناتج طبيعي لخراب البيت ((السوري))و لهشاشة الوحدة العربية الوهمية، ولانقسام وضياع الأسرة الفلسطينية. وكل حل لا يحمل الكفاح الشعبي المسلح في أول أولياته ما هو إلا حل مؤقت وضعيف وغير مدرك لأية رؤية مستقبلية ترى في فلسطين التاريخية إقليماً واحداً في وطن واحد لأمة واحدة لا يجوز التنازل عن شبر من ترابها ولو اقتضى ذلك كل الدم والمال وما نملك من متاع الحياة.
أما عن تهويد القدس فالأمر في منتهى البساطة إذا ما قارناه بما جرى من تهويد لأفكارنا وأرواحنا وعقولنا المسكونة دون شعور بالرؤى اليهودية، وكيف لا ونحن ندرس ونكتب ونتكلم عن ((الدولة))اليهودية ونسميها تارة إسرائيل وتارة نضع لها عاصمة نسميها تل أبيب ونرفض أن تكون عاصمتهم القدس، ونتكلم عن إرهاب ((الدولة)) الإسرائيلية وعن التطبيع مع ((الدولة ))الإسرائيلية ونرفض أي اعتراف بـ ((الدولة)) الإسرائيلية، وبذات الوقت نتحدث عن مشاريع المقاومة ضد ((الدولة)) الإسرائيلية، وهنا دخل التهويد إلى أرواحنا حتى أصبحت المقاومة الإسلامية ضد اليهود ((أو الإسرائيليين اليهود)) وكأن هذه المقاومة قامت من أجل حرب دينية ولو أنها تمنطقت بحزام وطني، ولكن حين تعلن ((الدولة))الإسرائيلية إسلامها فما الداعي لخوض الحرب معها، وهل الحرب من جانبنا هي حرب المسلمين السنة والشيعة ضد اليهود، أم حرب قومية ضد عدو يسعى لتهويد جغرافيا كاملة بكل معالمها وأسمائها وتاريخها ومستقبلها وماضيها، وضد عدو أقرّ التاريخ والحاضر وكل ما نملكه عنه من معرفة أن الطريق الوحيد لمقاومته هو السلاح فقط ولا شيء غير ذلك ، وأن هذا العدو لا يخيفه شيء في الحياة غير الموت، وأن هذا العدو لم ولن يعترف لا قبلاً ولا بعداً بوجود إنساني على الأرض لغيره، وإن كل الشعوب التي عاش في كنفها ما استطاعت الحدّ من عدوانيته أو إيقافه إلا بالسلاح والموت، فعن ماذا نبحث حين نفاوضه ونترك له المجال ليفرض ما يشاء في النهاية… ((ذلك مع احترمنا لكل حركة تناضل بالدم ضده كحماس وحزب الله مثلاً وذلك كونهما من أبناء بلدنا، ودمهم دمنا، ولكن ذلك لا يمنع أن ما نقوله يعنيهما بشدة)) ؟؟؟
إن المقاومة ضد اليهود لن تستطيع الصمود ولا الاستمرار ما لم تؤمن وبشكل نهائي إن فلسطين كاملة هي مشروعها وأن تحقيق ذلك لن يأتي إلا بالكفاح الشعبي المسلح، وأن الإيمان الديني شأن شخصي وفردي وأن ما يجمع الفلسطينيين السوريين في الهلال السوري الخصيب هو وحدة الجغرافيا والتاريخ كاملة غير منقوصة، وإن الانتماء العظيم لأمة كهذه الأمة هي نقيض كامل لليهودية وذلك بما قدمته من رسالات للإنسانية كاملة ابتداء من التشريعات والقوانين مروراً بالفكر والأدب والأساطير وقوفاً عند القيم الأخلاقية والعقلانية من رواقية وغيرها واختراع للأبجدية وتعليم كل الأمم الأخرى، وسجوداً عند الرسالة المسيحية التي يؤمن بها 90% من سكان العالم الغربي وأمريكا، والإسلام المحمدي الذي انتشر من جغرافيتها باتجاه العالم مؤازراً لأخته المسيحية ومؤكداً على قيمها الأخلاقية السورية الإنسانية.
أما عن تهويد القدس فقد بدأ حين اعترفنا باليهود دولة وبالسلطة الفلسطينية ممثلاً، وبفلسطين دولة منفصلة عن الشام ولبنان والأردن والعراق..، واعترفنا بالحدود التي تبلغ سماكتها أحياناً 3سم في حاجز حديدي كما بين لبنان والشام.فهل نبدأ بمقاومة تهويد القدس أم بمقاومة التهويد في دواخلنا.. ؟؟؟؟
سؤال مطروح لأصحاب الضمائر غير المهودة…