التكامل الاقتصادي العربي كفيل بالتخفيف من شبح الأزمات المالية العالمية
تأخذ الموضوعات الاقتصادية المطروحة أمام القمة العربية الـ 21 التي تستضيفها الدوحة أهمية خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصادات العربية
وفضلا عن مشروعات الربط الكهربائي العربي ومخطط الربط البري العربي بالسكك الحديدية إلى جانب البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي والاتحاد الجمركي العربي والأمن المائي العربي والبرنامج المتكامل لدعم التشغيل والحد من البطالة في الدول العربية والبرنامج العربي للحد من الفقر في الدول العربية إلى جانب البرنامج العربي لتنفيذ الأهداف التنموية للألفية ودور القطاع الخاص في دعم العمل العربى المشترك إلا أن الأزمة العالمية التي هوت بأسواق المال العربية وكلفت 2500 مليار دولار تستدعي الوقوف معا للتخفيف من آثارها.
قدرت تقارير اقتصادية حجم الخسائر التي تعرضت لها الثروات العربية في الخارج جراء الأزمة بأكثر من 1ر3 تريليونات دولار وفقدت الأصول العربية في الخارج حتى الآن نحو 5ر2 تريليون دولار إلى جانب خسائر تتجاوز 600 بليون دولار بسبب انهيار الأسواق المالية والتراجع الكبير في أسعار النفط إلى ذلك يتوقع تباطؤ إجمالي الناتج المحلي في المنطقة إلى 9ر3 في المئة لهذه السنة.
واستشعرت سورية منذ البداية خطورة الأزمة على الاقتصاد العربي وعلى الرغم أنها أقل دول المنطقة تأثرا بها إلا أنها دعت في أعقاب الأزمة ومنذ تشرين الثاني الماضي بصفتها رئيسا للقمة العربية وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية العرب لاجتماع عاجل لتدارس الوضع المالي العربي في ظل الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي.
ودعا الدكتور محمد الحسين وزير المالية خلال الاجتماع إلى إحداث مكتب مقره صندوق النقد العربي للتنسيق بين القطاعات المالية العربية ويقوم بتبادل السياسات والإجراءات المتخذة في أي من الأقطار العربية وتتبع التحولات والنتائج والتوقعات لهذه الأزمة على الاقتصاد العالمي وتوزيعاتها على الدول العربية.
واقترح الوزير الحسين تشكيل لجنة على مستوى وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية العرب لطرح الموقف العربي تجاه الجهود الدولية لتحديث النظام المالي الدولي.
كما دعا في حينها إلى تقديم طلب إلى القمة العربية الاقتصادية في الكويت لإحداث مجلس لوزراء المالية العرب ومكتب دائم له تكون مهمته الدعوة للاجتماعات الدورية أو الاستثنائية وتحضير الاجتماعات ومتابعة تنفيذ القرارات وفتح حوار على الموءسسات المالية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتخصيص جزء من معوناته وقروضه الميسرة لبعض الدول العربية.
وترى سورية أن التكامل الاقتصادي هو ضرورة تفرضها المعطيات الاقتصادية العالمية حتى لا يكون الاقتصاد العربي عرضة لاي أزمة خارج محيطه.
ورأت سورية في اجتماع المجلس الاقتصادى والاجتماعى للدورة التحضيرية للقمة العربية الـ 21 في الدوحة ان التكامل الاقتصادى لا يتحقق بانجاز منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى فحسب بل يحتاج إلى انجازات كثيرة تمر عبر اقامة الاتحاد الجمركى العربى ضمن المواعيد التى حددها القادة العرب في قمة الكويت الاقتصادية.
وإذا كان من إيجابيات للأزمة المالية العالمية فان تلك المتعلقة بإعادة توجيه الاستثمارات السيادية والخاصة العربية إلى الأسواق المحلية والعربية والبقاء في المحيط العربي وتخفيف الارتباط بالأسواق المالية العالمية بما يخفف من أهم التحديات التي تواجهها المنطقة وأخطرها على المستوى العربي وهي ارتفاع معدلات البطالة إلى 14 في المئة إضافة إلى ضعف في التجارة العربية البينية التي لا تزال تتراوح بين 8 و 10 في المئة من تجارتها العالمية كذلك في الاستثمارات العربية البينية التي تقل عن 15 في المئة من إجمالي استثمارات دول المنطقة الخارجية.
وليس أمام دول المنطقة إلا تبني إجراءات من شأنها تعزيز التكامل العربي من خلال إقرار عدد من الإجراءات التي تساعد في تحقيق هذا الهدف من تحرير الأجواء بينها ورفع القيود الجمركية التي تسهل إنشاء الاتحاد الجمركي العربي المقرر في 2015 وتسهيل تنقل رجال الأعمال بين الدول العربية والأموال والعمالة العربية وإزالة العراقيل التي تعيق تطور التجارة البينية العربية وتنفيذ الآليات التي تضمن تنفيذ مقررات قمة الكويت الاقتصادية التي عقدت في كانون الاول الماضي بما فيها من القرارات الاقتصادية المهمة كتحرير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار فيه إلى جانب وضع إستراتيجيات وطنية لحماية الملكية الفكرية وتعزيز حجم التجارة العربية البينية والحد من هجرة روءوس الأموال والعقول العربية إلى الخارج وإنشاء صندوق عربي استثماري أو شركة قابضة متعددة الجنسيات بقيادة القطاع الخاص لتمويل المشروعات وتشجيع الاستثمارات الأجنبية لدعم هذه المشروعات والإسراع في مشروعات الربط الكهربائي وإطلاق مشروع مخطط الربط البري العربي للسكك وتدعيم مشروعات البنية الأساسية وتنمية قطاعات الإنتاج والتجارة والخدمات وزيادة الإنتاج الزراعي وتحسين معدلاته وتشجيع الاستثمار في التنمية الزراعية.
إن اتباع سياسات نقدية ومالية تعزز قدرة الدول العربية على مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية والمشاركة الفعالة في الجهود الدولية لضمان الاستقرار المالي العالمي وتفعيل دور المؤسسات المالية العربية لزيادة الاستثمارات العربية البينية ودعم الاقتصاد الحقيقي للدول العربية اصبح مطلبا وتحقيقه مرتبط بتكاتف الدول العربية معا لتجاوز تداعيات الأزمة العالمية.