حرب العربية على سوريا
عندما قررت اسرائيل ان تبدأ حرب صيف 2006 علي لبنان بسبب حزب الله، اختارت قناة العربية ان تبدأ
حربها هي الاخري علي سوريا، ومن خلالها علي حزب الله، ومن خلالهما علي كل من خالف الأغلبية الحاكمة في لبنان.
لا أعتقد ان ادارة القناة اجتهدت كثيرا لابعاد تهمة الانحياز عن نفسها. ربما لأنها لم تتبجح بأي شعار عن الحياد والموضوعية والاستقلالية لكي تُحاسب عليه. لم تحاول كثيرا، رغم محاولتها (الفاشلة) الابقاء علي قليل من الحيادية في الاخبار المتعلقة بلبنان مع توجه عام غير محايد.
شيء مفهوم الي حد بعيد من قناة هي خليط من السعودية ولبنان (جماعة الحكومة) والكويت.. أي كل بهارات العداء لسوريا، ضد دولة وصف حاكمها زملاءه يوما بأنهم أنصاف رجال .
لهذا بدت دمشق هي الهدف الأبعد لـ العربية .
ولهذا اختارت العربية ان تخوض مع الخائضين في موضوع غناء السيدة فيروز بدمشق، كطرف رافض لا كوسيط إخباري، فجعلت منها مشكلة عجزت محاولات المذيعات عن اخفائها. إحداهن أفحمها المسرحي المخضرم انطوان كرباج (أحد أعضاء مسرحية صح النوم التي تلعب هذه الأيام بدمشق). استضافته في نشرتها فحاولت بكل السبل ان تقنعه، مثلما تقتنع الأغلبية، بأن الذهاب الي دمشق خطيئة سياسية. هو يقول ثور وهي تقول احلبوه! في الأخير صاح فيها: يا أختي هذا فن منّو سياسة. فن.. بتعرفي ايش معني فن، يعني مالو حدود!
عندئذ ابتسمت المذيعة هيهيييه احنا ما بدّنا نعمل سياسة.. احنا بس ببنؤل (ننقل) أخبار . آنذاك كانت صورة كرباج قد غابت عن الشاشة كأنه فضّل الانصراف بسرعة ولسان حاله يقول: امشي تـ….!
الاربعاء الماضي، نقلت العربية خبرا بالصور عن وكالات الانباء العالمية عن المناوشة الكلامية بين مندوبي ليبيا وسورية بمجلس الامن من جهة، ومندوب اسرائيل بسبب كلمة ألقاها المندوب الليبي، قدّر (كوهين) انها تحرّض علي الارهاب ومعاداة السامية ضد شعبه. وتهجّم (كوهين) علي ليبيا واصفا اياها بالدولة التائبة حديثا عن الارهاب، وسورية واصفا نظام الحكم فيها بـ القتلة في دمشق .
قالت العربية ان المشادة فريدة من نوعها بمجلس الامن (لا ندري بالضبط هل هذا دقيق أم لا)، فنقلت المقطع موضوع الاحتجاج في كلمة المندوب الليبي، ثم ترجمة لمقطع من رد (كوهين)، وأطفأت الضوء علي ما بدر من المندوب السوري، رغم انها في بداية الخبر تحدثت عن تهنئة الاخير لنظيره الليبي، ولا بد انه قال شيئا أزعج فعلا (كوهين) وإلا ما رد بتلك الطريقة غير المؤدبة.
قبل عقدين كانت التلفزيونات العربية تقصي كل شيء له علاقة باسرائيل، من العَلم الي القادة، الي كلمة اسرائيل ذاتها. وكم من مسؤول بتلفزيون عربي دفع منصبه ثمنا لاهمال ادي لظهور صورة او بث كلمة تحيل لاسرائيل.
اليوم تغيّر الزمن وحلّت سوريا محل اسرائيل في بعض التلفزيونات العربية فأصبحنا نشتاق لرؤية مسؤول سوري او أي شيء عن سوريا بـ العربية .
خسارة.. كان يمكن رفع الحظر عن اسرائيل دون الحاجة الي تعويضها ببلد عربي.
وكان يمكن للحكومة السعودية أن تصفّي حساباتها العالقة مع سوريا دون الحاجة الي الزج بآلتها الاعلامية وبمذيعين ومذيعات تحمرّ وتصفر وجناتهم كلما جيء إليهم بخبر مسيء لسوريا.