مصري يرتدي زي امرأة منقبة هرباً من “معارك” طوابير الخبز
تنكر مصري في زي امرأة ليستطيع الوقوف في طابور النساء أمام أحد المخابز، نظرا لقلة الزحام فيها؛ هربا من “المعارك الطويلة” التي يشهدها طابور الرجال.
وتشهد المخابز المصرية هذه الأيام زحاما شديدا للحصول على رغيف الخبز، تتحول في كثير من الأحيان إلى تدافع -خاصة في طوابير الرجال- مما يتسبب في وقوع ضحايا.
هذا الحال دفع المصري سيد رشوان إلى ارتداء زي امرأة منقبة، والوقوف في طابور النساء أمام أحد المخابز في حي عابدين وسط القاهرة اول امس .
إلا أن إحدى السيدات لاحظت سلوكيات غير طبيعية عليه فشكت في أمره، وهمست في أذن امرأة أخرى بجانبه لتراقبه، وبعدها اكتشفتا أنه رجل، فانهال عليه الواقفون في طابوري النساء والرجال بالضرب والصفع. واستدعى الأهالي دورية الشرطة للقبض على الرجل بتهمة التنكر والتحرش الجنسي بالسيدات.
وحضر مندوب الشرطة، واستمع إلى الرجل الذي ذرفت عيناه بالدموع أمام الناس من شدة الضرب ومن قسوة المأساة التي يعيشها كل يوم، هو ومعظم المصريين من أجل الحصول على رغيف الخبز الذي أصبح يشكل أزمة حادة توشك أن تفتك بالمصريين. ونفى الرجل لمندوب الشرطة عن نفسه تهمة التحرش بالنساء في مكان عام.
وقال رشوان: "كل ما فكرت فيه هو الحصول على رغيف الخبز المدعم، وما فعلته هو مجرد حيلة للتغلب على شدة الزحام، وتجنب المعارك التي تحدث باستمرار أثناء الازدحام".
وأضاف "لم أرتكب جريمة حينما فكرت في ذلك، فكيف أطعم أولادي ورغيف الخبز غير المدعم أصبح ثمنه 50 قرشا، فلو اشتريت لهم كل يوم 10 أرغفة بواقع 5 جنيهات سيصبح المجموع 150 جنيها شهريا من أجل الخبز فقط، في حين أن راتبي الشهرى 400 جنيه فقط".
إحدى السيدات كانت تقف بجوار الرجل أثناء إدلائه بأقواله، شهدت أنه لم يرتكب ذنبا ولم يتحرش بالنساء. وقالت يكفي ما أخذه الرجل من "علقة ساخنة" وليس ذنبه أن يعاقب من أجل الحصول على رغيف الخبز الذي أصبح نادرا هذه الأيام.
وقدر مندوب الشرطة الموقف، فانسحب في هدوء تاركا الرجل بعد أن خلع النقاب ووقف في طابور الرجال.
ضحايا طوابير الخبز
وشهدت طوابير الخبز في العاصمة المصرية وبعض المحافظات خلال الأيام الماضية سقوط ضحايا، آخرها وفاة مواطن مسن من محافظة الدقهلية يعمل ماسح أحذية ولديه 4 أبناء، وذلك عندما سقط مغشيا عليه من كثرة الزحام أثناء محاولته الحصول على عدة أرغفة لإطعام أسرته.
كما فوجئ أهالي قرية "أوليلة"، التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة القليوبية، بسقوط شخص مغشيا عليه من شدة التزاحم في الطابور أمام مخبز النصيف في القرية، فأسرع الأهالي بنقله إلى المستشفى، لكنه توفي في الطريق.
وأمام مخبز بمدينة الأقصر جنوب مصر لفظ موظف أنفاسه الأخيرة بعد تشابك بالأيدي مع شاب في منتصف العشرينات.
كما سقط حارس عقار في مدينة القاهرة ضحية لطابور العيش دفاعا عن زوجته التي انهالت عليها السباب والشتائم لخروجها من الطابور، ولم يتمالك الزوج أعصابه، وراح يعاتب عامل المخبز الذي اعتدى على زوجته بالقذف والسب، واشتعلت حدة المناقشة، فأخرج العامل مسدسا غير مرخص، وأطلق رصاصة في بطن حارس العقار انتهت بمقتله.
وحدثت مشاجرة ضخمة بالسنج والمطاوي بين أفراد طابور الخبز في أحد أحياء القاهرة. وسقط قتيلان وأصيب 17 في اقتتال أمام مخبز في حلوان.
وكان نحو ١٠٠ من مواطني قرية دهشور بمحافظة الجيزة نظموا الأحد 2-3-2008 وقفة احتجاجية على عدم توافر رغيف الخبز وسرقة أصحاب المخابز الدقيق المدعم، وتجاهل الحكومة شكاواهم، وخصوصا بعد أن كاد الصراع اليومي للحصول على الرغيف يودي بحياة سيدة، عندما طعنها أحدهم بالسكين أثناء وقوفهم في الطابور.
وزير التضامن يعترف بالأزمة
وقال وزير التضامن الاجتماعي علي مصيلحي إنه قرر فصل إنتاج الخبز عن تسويقه، وذلك ليساهم في القضاء على الأزمة التي تعاني منها معظم بيوت مصر في هذا الشأن.
وأكد أن الأزمة ستحتاج لبعض الوقت من أجل القضاء عليها، معترفا بأنه كان يطمح لأن يشهد بداية العام الحالي انتهاء المشكلة، لكنه خلص في النهاية لنتيجة مؤداها أنه من المستحيل توفير الخبز المدعم لجميع المستحقين وأن نسبة من السكان ستظل تشعر بالأزمة.
وحذرت مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان في تقريرها "خبز الحياة" من تدهور مشكلة الخبز في مصر، وذلك في إطار رصدها لظاهرة الطوابير في الأحياء الفقيرة، بحثا عن الرغيف المدعم. ورصد التقرير 9 معارك حدثت خلال شهر واحد أمام طوابير الخبز.
وأكد أن معدل الاستهلاك الشهري من القمح المخصص لإنتاج الخبز البلدي وصل إلى 680 ألف طن، وهو الأمر الذي يصطدم مع معدلات الإنتاج المنخفضة، فمعدل إنتاج القمح بشكل عام في مصر يصل إلى 7.5 ملايين طن تقريبا.
وأشار التقرير إلى أن الدعم الحكومي للخبز يستحوذ وحده على 60% من إجمالي الدعم الموجه للغذاء، حيث يبلغ إجمالي دعم الخبز 9 مليارات جنيه سنويا لإنتاج 285 مليون رغيف يوميا.