إسرائيل ستبلغ الولايات المتحدة قبل قصف المواقع النووية الإيرانية “
عندما علم الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان بالهجوم الإسرائيلي المفاجيء على المفاعل الذري العراقي عام 1981 لم يعر الأمر اهتماما.
ولكن هل يتخذ الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما نفس الموقف إذا نفذ الإسرائيليون تهديداتهم المستمرة منذ أعوام وقصفوا المنشآت النووية الإيرانية بشكل يجر الولايات المتحدة إلى هيجان في الشرق الأوسط غير مسبوق يمكن أن يقضي على مساعيه لتخفيف التوترات الإقليمية؟.
وهل يمكن أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستعدا للتعامل مع إيران بالقوة العسكرية الإسرائيلية وحدها ومع وضع في الاعتبار خطر إثارة رد فعل ضد إسرائيل بين الأميركيين الذين ملوا الحروب ويعانون من أزمة ائتمان؟
أوباما ليس ريغان، ويعتقد كثير من الخبراء أن العلاقات الاستراتيجية بين الحليفين الولايات المتحدة وإسرائيل متشابكة الى درجة كبيرة بشكل يجعل اتخاذ إسرائيل قرارا من جانب واحد في قضية رئيسية مثل إيران تصورا افتراضيا.
ومن ثم، فان في الوقت الذي لا يشكك فيه أحد في رغبة إسرائيل الى شن هجوم إذا ما اعتبرت أن المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة بشأن كبح أنشطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية وصلت إلى طريق مسدود، إلا أن مثل هذه الهجمات ستتطلب بالتأكيد تقريبا تعاونا على الأقل في اللحظة الأخيرة مع واشنطن.
ستود إسرائيل أن تضمن عدم اسقاط طائراتها بطريق الخطأ إذا ما حلقت فوق العراق الذي تحتله الولايات المتحدة وأن تمنح الأميركيين في منطقة الخليج تحذيرا مسبقا لأي رد إيراني محتمل.
وقال كريم سغدبور من معهد كارنيغي للسلام الدولي "سواء حصلت إٍسرائيل أو لم تحصل على الضوء الأخضر من واشنطن لشن هجوم على إيران، فان ذلك لا يهم إذ أن كل من في المنطقة سيعتقد أن الولايات المتحدة شريك".
وتخيل دبلوماسي أميركي وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وهو يتصل هاتفيا بنظيره الأميركي روبرت غيتس بشكل مفاجيء "لابلاغه مسبقا وتوضيح الأمر" بمجرد بدء الاستعداد للمهمة.
وأبدى غيتس والجيش الأميركي نفورهما تجاه أي ضربات وقائية ضد إيران التي تقول إن أنشطتها لتخصيب اليورانيوم تهدف إلى توليد الكهرباء وليس تصنيع أسلحة. ولكن تصريحاتهما العلنية أشارت إلى إن بامكان إسرائيل الاختلاف معهما.
وقال مارك فيتزباتريك وهو خبير في شؤون حظر الانتشار النووي بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: "من دون شك أن إسرائيل ستفعل ما تعتقد أنها بحاجة للقيام به بصرف النظر عن الموافقة الأميركية… إسرائيل ستطلب العفو وليس الاذن".
وقصف إسرائيل عام 2007 لما وصفته وكالة المخابرات المركزية الأميركية بمفاعل سوري شيدته كوريا الشمالية قد يمثل سابقة. ووفقا لمصدر مطلع على العملية فقد نفذت إسرائيل الضربة بمفردها ولكن فقط بعد أن "أبلغت الأميركيين بأن شيئا مثل هذا قد يحدث. هذا هو الفارق بين الابلاغ بشيء وطلب الحصول على موافقة".
وكانت الولايات المتحدة الجهة التي نشرت بعد ذلك بعام المزاعم المتعلقة بالموقع الذي قصف وسط نفي سوري. ولم تتكبد إسرائيل التي لم تناقش أبدا الهجوم مشقة اثبات قضيتها.
ومع تولي كل من أوباما ونتنياهو رئاسة حكومتين جديدتين، قال الاخير إن أي استراتيجية مشتركة ستكون غير شكلية على الأقل إلى أن يعقد الزعيمان أول قمة لهما في 18 ايار الجاري.
وتابع "لم يتخذ أي قرار من الجانبين. انطباعي هو أن التصريحات الأميركية الحالية تهدف فقط لتسجيل نقاط واقناع المجتمع الدولي بجدية جهود ادارة اوباما لاجراء محادثات مع طهران بخصوص التوصل لحل".
وبصرف النظر عن موقف أوباما في نهاية الأمر فانه سيجد نفسه في اختبار شديد إذا ما تعرضت المصالح الأميركية الى تهديد، على سبيل المثال إذا ما ردت إيران على أي قصف إسرائيلي بتحريض الشيعة في العراق على تصعيد أعمال العنف أو بتعطيل صادرات النفط. وقال فيتزباتريك إن أي تضامن مع إسرائيل يلي ذلك سيكون على مضض.
ولكن من ناحية أخرى فان جذب الولايات المتحدة بقوتها الجوية الهائلة يمكن أن يخدم إسرائيل. ويعتقد معظم المحللين أن الطائرات الحربية الإسرائيلية قد تعطل خطط إيران لبضع سنوات على أفضل تقدير ولا يمكنها أبدا أن تقضي على خبرة العلماء النوويين الإيرانيين.
وأشار فيتزباتريك إلى أن الرأي العام الأميركي سيميل إلى جانب إسرائيل "إذا ما حرمت إيران من امتلاك قدرة نووية والثمن ليس باهظا إذا ما قيس بهجمات يمكن أن يتعرض لها مواطنون أميركيون أو منشآت أميركية".
ونظريا فان خيارات أوباما لمعاقبة إسرائيل تتضمن قطع بلايين الدولارات التي تقدم كمساعدات دفاعية أميركية وضمانات القروض لإسرائيل رغم أنه سيواجه معارضة في الـ"كونغرس" الصديق لإسرائيل.
وقد تدعو واشنطن أيضا لشرق أوسط خال من الأسلحة النووية ضمن مساع لاحلال السلام بالمنطقة، قائلة إن مع تحييد إيران وتهدئة العالم العربي فان ترسانة إسرائيل النووية يجب ألا تبقى من دون مراجعة.