سياسية

باكستان: فرار الآلاف من مناطق القتال بين الجيش وطالبان

أفادت التقارير الواردة من باكستان بأن الآلاف من سكان شمال شرقي البلاد قد لجأوا إلى مخيمات اللاجئين طلبا للأمان بعد أن فرُّوا من ديارهم خوفا على أرواحهم من القتال الدائر في مناطقهم بين قوات الجيش ومتمردي حركة طالبان.
وقالت التقارير إن معظم المدنيين الفارين هم من منطقة مينجورا، وهي المدينة الرئيسية في منطقة وادي سوات التي رُفع عنها حظر التجول اليوم الجمعة بشكل مؤقت من أجل السماح للسكان بالمغادرة.

ازدحام واكتظاظ

وأضافت قائلة إن الطريق خارج المدينة بدا مزدحما بالحافلات والشاحنات التي كانت جميعها مكتظة بالركاب، إذ اعتلى العديد منهم سقوف السيارات بسبب الاكتظاظ الشديد.

وقالت الأمم المتحدة إن 830 ألف شخص قد هجروا منازلهم الواقعة في المنطقة المذكورة خلال الشهر الماضي فقط، بينما بلغ العدد الكلي للنازحين في عموم البلاد خلال الأشهر الـ 12 المنصرمة حوالي 1.3 مليون شخص.

إذا لم نتمكن من مواجهة التحديات التي يمثلها هذا النزوح الكبير، فسيصبح النازحون عنصرا مهما في زعزعة الاستقرار

أنتونيو جوتيريس، المفوض الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
ويعيش الآن حوالي 80 ألف من أولئك النازحين في مخيمات أقامتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في المناطق المحيطة بمدينة ماردان.

تحذير أممي

وحذر المفوض الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنتونيو جوتيريس، من أن النزوح الجماعي يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الصراع، وقال: "إذا لم نتمكن من مواجهة التحديات التي يمثلها هذا النزوح الكبير، فسيصبح النازحون عنصرا مهما في زعزعة الاستقرار."

وكانت الامم المتحدة قد دعت إلى إرسال كميات كبيرة من مواد الإغاثة إلى المنطقة بشكل عاجل.

وقد وصف رئيس الوزراء الباكستاني، يوسف رضا جيلاني، الوضع بأنه "أسوأ أزمة لاجئين تعيشها البلاد منذ النزاع الدموي الذي انتهى بتقسيم الهند وباكستان في عام 1947 في نهاية الحكم الاستعماري للبلاد".

لكن جيلاني وعد بأن يقوم الجيش بتطهير وادي سوات بشكل كامل من المسلحين الذين كادوا يسيطرون عليه في الأشهر الأخيرة.

يُذكر أن زهاء 150 ألفا من المدنيين ما زالوا محصورين في مدينة مينجورا، حسب ما أفادت به مراسلة بي بي سي في إسلام آباد.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن سكان المدينة قولهم إن مسلحي حركة طالبان، الذين ما زالوا يسيطرون على مينجورا، قد قاموا بتلغيم الطرقات في المدينة وحفر الخنادق من حولها تحسبا لهجوم الجيش عليها.

15 ألف جندي

ونشرت السلطات الباكستانية 15 ألف جندي في وادي سوات والمناطق المجاورة في مواجهة حوالي خمسة آلاف من المسلحين.

وعدت الحكومة الباكستانية بأن يقوم الجيش بتطهير وادي سوات بشكل كامل من المسلحين
وقال الجيش إن العمليات العسكرية التي نفذها ضد المسلحين في المنطقة، بما فيها القصف المدفعي الموجه ضد معاقلهم في سوات ومنطقة دير السفلى المجاورة، قد أسفرت عن مقتل 124 مسلحا و9 جنود في الساعات الـ 24 التي سبقت تخفيف حظر التجول.

ويقول الجيش إنه حقق تقدما في منطقة بيوشار، إلا أن المسلحين يقولون إنهم يقاومون تقدم القوات الحكومية بنجاح ويكبدونها خسائر جسيمة.

رواية طالبان

إلا أن ناطقا باسم حركة طالبان باكستان، ويدعى مسلم خان، قال إن مسلحي الحركة قتلوا 37 على الأقل من جنود الجيش منذ يوم الأربعاء الماضي، بينما لم يقتل من المسلحين سوى ثلاثة فقط.

ويقول مراسل بي بي سي في كراتشي، محمد الياس خان، إنه من العسير التحقق بشكل مستقل من صحة أي من هذه الادعاءات المتضاربة، خصوصا وأن شبكة الاتصالات الهاتفية في سوات متوقفة عن العمل بالكامل.

وكان الجنرال أشفق كياني، رئيس اركان الجيش الباكستاني، قد قام يوم أمس الخميس بزيارة تفقدية لخطوط الجبهة الأمامية في سوات، وذلك للمرة الأولى منذ بدء العملية العسكرية الراهنة.

ومن المقرر أن يطلع الجنرال كياني نواب البرلمان الباكستاني اليوم الجمعة على سير العملية العسكرية في المنطقة.

شعبية طالبان

وُصف الوضع في باكستان بأنه "الأسوأ" منذ انفصال باكستان عن الهند عام 1947
ويقول المحللون إن حركة طالبان باكستان ما برحت تخسر من شعبيتها في عموم البلاد منذ نشر شريط مصور يظهر فيه بعض مسلحيها وهم يجلدون فتاة في سوات اتهموها بالخلوة مع رجل غريب.

يُذكر أن الحكومة الباكستانية وقَّعت في فبراير/شباط الماضي اتفاق سلام مع حركة طالبان يقضي بتطبيق الشريعة الإسلامية في وادي سوات، وهي الخطوة التي أثارت انتقاداً حاداً من قبل الولايات المتحدة.

كما أثارت التصريحات التي أدلى بها مؤخرا مولانا صوفي محمد، وهو الذي توسط للتوصل للاتفاق المنهار لوقف إطلاق النار بين الحكومة والمسلحين في سوات، قلقا سياسيا واسعا في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى