إسرائيل ترفض المطالبات الأميركية بوقف الاستيطان
كررت حكومة إسرائيل رفضها المطلب الأميركي بتجميد البناء في المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967
وعاودت التمسك بحجة النمو الطبيعي في هذه المستوطنات الذي يستدعي برأيهامواصلة البناء لتوفير الشقق السكنية للأزواج الشباب. ونصح السفير الأميركي السابق في تل أبيب مارتن انديك رئيس الحكومة الإسرائيلية بـ ?الإنصات جيداً? إلى الرئيس باراك أوباما ?الذي يقول له باختصار إن حل الصراع العربي – الإسرائيلي هو مصلحة أميركية?.
وبحسب صحيفة الحياة اللندنية، فقد صرح الناطق الإعلامي باسم رئيس حكومة الاحتلال مارك ريغيف إن ?مستقبل المستوطنات سيحسم في المفاوضات، وحتى ذلك يجب أن تستمر فيها الحياة الطبيعية?. وأضاف أن إسرائيل التزمت عدم بناء مستوطنات جديدة وتفكيك البؤر العشوائية ?لكن في المستوطنات القائمة يجب أن نضمن، في الوقت الراهن، مواصلة الحياة الطبيعية?. ونقلت الإذاعة العامة عن ?مسؤول سياسي? قوله إن إسرائيل تجاوبت مع المطلب الأميركي تفكيك البؤر العشوائية من خلال الأمر الذي أصدره وزير الدفاع إيهود باراك أول من أمس للجيش بالتهيؤ لتفكيك هذه البؤر.
وتميز إسرائيل بين المستوطنات التي أقامتها منذ سبعينيات القرن الماضي في أنحاء الضفة الغربية ومحيط القدس المحتلتين ويرتع فيها نحو نصف مليون مستوطن، وبين ?البؤر العشوائية? التي أقامها قادة المستوطنين من دون استئذان الحكومة رسمياً. وترى أن المستوطنات، خصوصاً تلك الكبرى التي ضمتها داخل الجدار الفاصل، ?شرعية? وجزء من أراضيها في إطار اتفاق دائم (البعض يقترح ضمها مقابل مقايضة الأراضي المقامة عليها بأخرى)، بينما توافق على اعتبار البؤر ?غير قانونية? وتعهدت عند قبولها خريطة الطريق الدولية قبل خمسة أعوام بإزالتها، لكنها لم تفعل، بل قامت بإضفاء الشرعية على غالبيتها من خلال ربطها بمستوطنات قائمة، فقلصت عددها من أكثر من مئة إلى 22 فقط بقيت خارج هذه المستوطنات تضم كل منها بين 10 و20 بيتاً. لكن المجتمع الدولي لا يفرق بين هذه المستوطنات والبؤر ويعتبرها كلها ?غير قانونية?.
ويرى مراقبون أن تصريحات مستشار نتانياهو تعكس فشل مساعي رئيس الحكومة الإسرائيلية لإقناع الإدارة الأميركية بالموافقة على مواصلة البناء في المستوطنات الكبرى بحجة التجاوب مع التكاثر الطبيعي مقابل تفكيك البؤر (للاستفادة بالتالي من دعم أكبر من واشنطن في مواجهة التهديد الإيراني)، كما اعتبروها رداً غير مباشر على تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بعد لقائها نظيرها المصري أحمد أبو الغيط في واشنطن أول من أمس التي قالت فيها إن الرئيس الأميركي باراك أوباما ?كان واضحاً جداً في قوله إنه يريد وقف الاستيطان… ليس بعض المستوطنات وليس مستوطنات عشوائية، ولا استثناءات مرتبطة بالنمو الطبيعي?.
من جهته، حاول مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى التقليل من شأن حدة أقوال كلينتون. وقال إن تصريحاتها لم تأت بأي جديد ?سوى أنها عكست الفجوة في المواقف? كما تبدت خلال لقاء أوباما – نتانياهو في البيت الأبيض قبل عشرة أيام. ويتذرع نتانياهو بالوضع الداخلي لتبرير رفضه وقف البناء في المستوطنات ويلمح إلى إمكان سقوط ائتلافه الحكومي في حال أقدم على تجميد البناء، علماً أن قادة المستوطنين شرعوا في حملة ضده على خلفية قراره تفكيك البؤر الاستيطانية، إذ دعا حاخامات المستوطنات في الضفة الغربية مساء أول من أمس الجنود الإسرائيليين إلى رفض الانصياع لأي أمر بتفكيك مستوطنات عشوائية.
وجاء في البيان الذي أصدروه أن ?كتاب التوراة المقدس يحظر المشاركة في أي طرد ليهود من أرضنا المقدسة? وأنه ?ليس معقولاً أن يشارك جندي أو شرطي في عمل غير أخلاقي بتدمير مستوطنات?. وقال النائب المتطرف ميخائيل بن آري إن ?القانون لا يمكن أن يفرض على الجنود ارتكاب جرائم?.
وردت حركة ?سلام الآن? اليسارية على دعوة الحاخامات بمطالبة المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز بمباشرة التحقيق مع الحاخامات، محذرة من أن ?هذه الأوامر تمزق الجيش?. وتوقعت مصادر أمنية أن تبدأ عملية تفكيك البؤر في غضون أسابيع، وسط ارتفاع أصوات داخل الجيش تطالب بإناطة المهمة بأفراد الشرطة لا الجنود تفادياً لصدامات عنيفة بينهم وبين المستوطنين، علماً أن عشرات الضباط العسكريين وعائلاتهم يقطنون في عدد من البؤر العشوائية.
على صلة، نصح السفير الأميركي السابق في تل أبيب مارتن انديك في مقابلة مع صحيفة ?يديعوت أحرونوت?، رئيس الحكومة الإسرائيلية ببناء علاقات ثقة مع الرئيس الأميركي ?شرط أن ينفذ (نتانياهو) ما يلتزم به?، مضيفاً أن ?واشنطن الحالية تختلف عن تلك التي عرفها نتانياهو قبل عقد من الزمن (خلال ولايته الأولى) حين شكل الجمهوريون الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ وكان نتانياهو جمهورياً أكثر من كونه رجل ليكود، بينما الجمهوريون اليوم في وضع صعب وأوباما كسياسي محنك يدرك هذه الحقيقة?.
وتابع أن الرئيس الأميركي ?لا يلوح بعصا أمام نتانياهو، لكن وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس أرست الرأي هنا بأن قيام دولة فلسطينية هو مصلحة أميركية… ومنذ ذلك الوقت لم تعد المسألة تتعلق بمصلحة إسرائيل فقط إنما بما يخدم المصلحة الأميركية. على نتانياهو الإنصات إلى أوباما الذي يقول له وباختصار إن حل الصراع هو مصلحة أميركية?.
ورأى انديك الذي يشغل اليوم منصب مستشار الموفد الأميركي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل، أن ما يحدث الآن هو أن ?الصراع الإسرائيلي – العربي بات أداة بأيدي أعداء أميركا، أي إيران وحزب الله وحماس، والوقت لا يعمل في مصلحة إسرائيل ولا في مصلحة السلام?، مضيفاً أن الخطر الوجودي الحقيقي على إسرائيل ?هو أن لا تنجح في الانفصال عن الفلسطينيين?.
ولمح إلى أن تذرع نتانياهو بالتخوف من سقوط ائتلافه اليميني في حال مس بالمستوطنات لن يقنع الإدارة الأميركية ?لأنه هو من اختار تشكيل هذا الائتلاف?. وتابع أن هناك من يطرح في الولايات المتحدة السؤال انه ?إذا لم ترغب إسرائيل في فعل شيء فلماذا علينا مساعدتها خصوصا إذا كانت هي التي تطلب المساعدة؟?.
ورأى أنه ?يجب التدقيق في المقترحات السورية بجدية?. وقال، ملخصاً انطباعه من زيارة سورية أخيراً ولقائه وزير خارجيتها وليد المعلم إن ?في سورية اليوم ثمة ليونة أكبر من الماضي، لكن ليس في ما يتعلق بالأرض… سيكون من الخطأ التفكير بأن السوريين بدّلوا موقفهم. لن يتنازلوا عن شبر واحد من الأرض، لكن إذا اعترفت إسرائيل بالسيادة السورية على كل الجولان، فسيكون السوريون مستعدين للحديث عن كل ما تبقى مثل وجود مستوطنات إسرائيلية تحت السيادة السورية?.