لماذا إلغاء اتفاق وادي عربة ؟.
حقيقةً ما تقدم به بعض أعضاء البرلمان في الكيان الأردني وبحسب ما جاء في جريدة القدس العربي | العدد 6217-2009| حول إلغاء اتفاقية وادي عربة هو شيء يجب علينا احترامه وتقديره ( وإن جاء متأخراً )
فهو إن دلّ على شيء فإنما يدل على ظهور برعم في شجرة الوعي القومي التي تعاني من الذبول منذ عقود عديدة, لعدم جريان ما يرويها من مياه مشبعة بوعي أبنائها القومي, وعي بحدود الأمة وبمصالحنا القومية ووعي من هو عدونا.
لقد حان الوقت ليصبح كل أبناء الأمة السورية براعم لغصون هذه الشجرة.
ما أحب أن أشير إليه هو أنّ هذا المشروع( إلغاء اتفاقية وادي عربة ) لا يجب أن يكون فقط رداً على ما تناوله الكنيست من محاولة اعتبار الأردن وطناً للفلسطينيين ومنح أهالي الضفة الغربية في فلسطين المحتلة الجنسية الأردنية, بل يجب أن يكون رداً وثورة في وجه ما يُسمى (دولة اليهود), ويجب أن يكون رداً على وجود اليهود في منطقتنا, ويجب أن يكون رداً على احتلال فلسطين كل فلسطين, كما يجب أن يكون رداً على أعوان اليهود(على مختلف درجاتهم), وعلى سايكس بيكو ووعد بلفور وتوابعها جميعاً.
نقول ونؤكد ونستمر بالتأكيد, دون كلل أو ملل, للنواب الكرام (مع الإشادة بموقفهم القومي) أنّ التعنت اليهودي ليس حادثة جديدة, وأنّ اليهود (قطع البازل puzzle) ليس بجديد عليهم عدم احترامهم للمواثيق والسلام, بل هذه هي سمتهم عبر التاريخ كله. ولو كان لديهم ذرة من الاحترام والإنسانية لما اغتصبوا أرضنا وشردوا أهلنا في فلسطين.
في الواقع وعينا القومي لن يصل لذروة اكتماله إذا نظرنا لإلغاء اتفاقية وادي عربة من هذا الناحية, والوعي القومي التام يكون بمعرفتنا لماهية أنفسنا أولاً والتي هي الخطة المعاكسة لماهية اليهود, ومن ثم معرفتنا لحدود أمتنا وإدراكنا لمصالحها القومية, وعند ذلك فقط يمكن أن نعرف من هم أصدقاؤنا، ومن هم أعداؤنا, ويكون قد تكون في يقيننا بأنّ وعد بلفور و سايكس بيكو ليسا جزءاً من تاريخنا، وإنما هما كابوسان علينا أن نستفيق منهما، وأن ننهض من سريرهما, وأن لا نسعى لتكريسهما ونجعلهما يحملوننا سنة بعد سنة إلى تشكيل كيانات ومقاطعات وإمارات للطوائف والعرقيات….
إنّ النظر إلى إلغاء الاتفاقية من جانب أنّ الكنيست يريد أن يجعل الأردن وطناً للفلسطينيين. أريد أن أقول فيه شيئاً وإن كان قوله غريباً في أيامنا هذه وحتى محرّماً, وليس مستحباً, وربما كان مغيباً عنا. أقول هل كان الأردن وطناً للأردنيين, أو الشام وطناً للشاميين, أو العراق وطناً للعراقيين, أو الكويت وطناً للكويتيين, أو فلسطين وطناً للفلسطينيين أو لبنان وطناً للبنانيين… ؟؟؟!!!
ألم يخلق الاستعمار أوطاناً مزيفة (كل الأوطان المذكورة في الأعلى) من وطن وأمة واحدة هي الأمة السورية ؟.
ألا يحاول الاستعمار مُجدداً أيضاً خلق أوطاناً جديدة بحلة جديدة في كل من الكيان اللبناني والفلسطيني والعراقي..و… ؟.
وأقول أيضاً :
لماذا نخاف من هذه الحقيقة ؟.رغم إنّ عدم إدراكنا لها أو الخوف من الولوج فيها هو السبب في ويلاتنا, وهو السبب في عدم استقرار حياتنا وعدم تحررنا وعدم معرفة عدونا. و إنّ عدم اكتراثنا بهذه الحقيقة سيوصلنا إلى يوم يقول كل واحد منا ( أنا دولة…. أنا وطن ) !!!.
نكفر عندما ننظر لليهود من هذا الجانب ( جانب السلام, الاتفاقيات, الزيارات وتبادل الوفود,التطبيع, أو الاستراتيجيات البعيدة النظر) فكلها أثبتت فشلها وأثبتت ذلّها وسُخفها وأثبتت درجة تواطؤ من قام بها ويرعاها ويحميها ويُكرسها وأثبتت أنها جزء لا يتجزأ من تثبيت هذا الكيان اليهودي مادياً وروحياً في وطننا. و ليفرض كل واحد منّا فلسطين بيته, منزله، ومن ثم لِيُسقط ما حدث لها وبأهلها مع أفراد عائلته. أمعنوا النظر والتفكير, ما رأيكم بغريب في الغرفة المجاورة لغرفتك وغرفة أولادك, ما رأيك بغريب يُشاركك التلفاز, والغاز, والحمام و…… فكيف وهو يسرق كل تاريخك وأرضك وحياتك من هذا البيت….نعم دعونا نفكر بمنطقية ، ودعونا نأخذ العبر مما يجري أمام أعيننا, دعونا نتجرأ ونخجل من هذا التاريخ الذي يُسطّر كل يوم في أرضنا وعلى صخر وجودنا؟. إذ ما معنى هذا الوجود الذي أصبح كمسبحة في يد الأمم الأخرى, وأصبحنا من خلاله مضحكة وسخرية ومهزلة الأمم…. إلى متى سنستمر بهذا ؟.
إنّ هذا المشروع ( إلغاء اتفاقية وادي عربة), وغيره من المشاريع المماثلة من حيث يشكل جزءاً من الوعي القومي, يجب أن يتحول إلى ثورة تضرب بقوة كل ما يُساعد على إبقاء اليهود في أرضنا واستمرار اغتصابهم لها. انتظاراً لثورة تطرد اليهود من فلسطين المحتلة وتحررها نهائياً من هذه الطفيليات الدخيلة على أرواحنا ووجودنا.
مرة أخرى نُشيد بموقف النواب الموقعين على المشروع ونشدّ على أياديهم مع انتظارنا أن يتحول مشروعهم جزءاً من الثورة المنتظرة.