الاعلام السوري وشعب الفاتيكان الصديق بقلم المهندس باسل قس نصرالله
اتصل بي منذ مدة قصيرة ، راعي كنيسة – ونقول له القس فلان – ونستخدم كلمة القس للتعبير عن رجال الدين الانجيليين (البروتستانت)، وقال لي انه قرأ في احدى الصحف اسمه دون ذكر اللقب وهو القس، فضحكت كثيرا وقلت له ان ذلك خطأ
بسيط يعتمده الاعلام السوري بشكل مقصود من حين لآخر، ليس جهلاً بل خوفاً ان يتم اتهامهم بالكمال ، لأن الكمال لله سبحانه، ثم قلت له ان السفير البابوي الحالي في سورية، واثناء تقديم اوراق اعتماده للسيد الرئيس منذ مدة، لم يذكر الاعلام لقبه الديني وهو اسقف ويلبس لباس الاساقفة بل سماه " السيد …… سفيرا للفاتيكان في سورية"، وقبل ذلك لن انسى ان هذا الاعلام نفسه تكلم عن المطران كبوجي ، فأفاض واعطى سيرة ذاتية للمطران معتبرا اياه اوروبيا، مع العلم بأن المطران هو حلبي ابن حلبي .
اضحك بألم عندما اقرأ في الأدبيات الرسمية أخطاء " لا تنزل في قبان " وخاصة فيما يتعلق بالتسميات الدينية، ولكن هذه الاخطاء (وان كانت دينية) الا أنها تجعل الكثر يسألون كيف ننادي بتطورات اقتصادية واجتماعية من خلال دعوة المستثمرين من مختلف بلدان العالم للقدوم الى سورية ونحن لا نعرف كيف نخاطبهم من خلال اعلامنا (والنموذج الديني واضح).
الامثلة كثيرة منها، انه حضر الى سورية رئيس اساقفة قبرص "خريسوستموس" ، وكنيسة قبرص هي كنيسة مستقلة عن الكراسي البطريركية الخمسة وهي روما – القسطنطينية – انطاكية – الاسكندرية والقدس، وقد استقلت عن كرسي انطاكية بعد مجمع افسس 331 وهي لا تملك بطريركاً بل رئيساُ للاساقفة، كما أنه لدى المراتب الدينية يأخذ المسؤول الديني اسماً كنسياً ويتبعه برقم تسلسلي وفق سلسلة البطاركة، ففي سورية هناك البطريرك "اغناطيوس الرابع" وكنيته هزيم وهي كنيته قبل ان يصبح بطريركاً، وكذلك البطريرك "غريغوريوس الثالث" الذي نُتبعه (بجهذبتنا الاعلامية) بكنيته لحام، وايضا مار زكا الاول الذي يعتقد الاعلام انه لن يكون معروفا الا اذا اقمنا له كنية وهي عيواص، حتى ان البطاركة انفسهم بدوؤا يكتبون كنيتهم (بعد مللهم من الشرح)، ولن استغرب ان يكتب اعلاميوننا مثلا كنية البابا الحالي بحيث يصبح البابا بنديكستوس السادس عشر (راستينغر)، على اساس ان اسمه (هو جوزيف راستينغر) قبل ان يصبح حبرا اعظم للكنيسة الكاثوليكية.
بعد هذا الشرح الموجز نعود الى رئيس الاساقفة "خريسوستموس" حيث اعتبر الاعلام لدينا انه بطريرك ورقاه الى درجة البطريركية وقام بتقسيم اسمه الى قسمين (اسم وكنية) خريسو (الاسم) وستموس (الكنية) ، وهكذا اكتشف علماء الاعلام السوري ان اسمه هو خريسو وكنيته ستموس . فقاموا ببلاغتهم بصياغة الخبر وشحذوا عقولهم وبلاغتهم اللفظية حيث ظهر الخبر عن البطريرك خريسو ستموس ، وكيف ان البطريرك ستموس (ياسبحان الله) اشاد ونوه وعبر وذكر ، واخذت الصحف من الاعلام السوري هذه الصياغة، حتى موقع وزارة الاوقاف كتبت عن استقبال وزير الاوقاف للبطريرك ستموس وقامت بنفس الخطأ في الترقية الدينية وتقسيم الاسم، ولكأن وزير الاوقاف لا يعرف مع من اجتمع، ولا أعرف بعد كل ذلك ماهي المعطيات المهمة التي جعلتنا نستخدم مثل اولئك الاعلاميين.
وفي نبأ تناقلته الصحف السورية ان السيد الرئيس ارسل برسالة تهنئة الى قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر بمناسبة ذكرى حبريته الرابعة، الى هنا والخبر يندرج بمعلومة عامة وتقع ضمن البروتوكول بين الدول، اما غير العادي فهو ان يضيف كتبة الاعلام . الملح والبهار على الخبر ويكتبون ان سيادته أعرب عن اطيب التمنيات لقداسة "البابا ولشعب الفاتيكان الصديق".
انا كلي ثقة ان الرسالة التي ارسلها سيادة الرئيس لا تتضمن تمنيات لشعب الفاتيكان الصديق، لأن السيد الرئيس بما عرفناه عن حنكته وسعة اطلاعه ، يعلم تمام العلم انه لا يوجد شيء اسمه شعب الفاتيكان ، فالكرسي الرسولي – وهو الاسم الرسمي للفاتيكان – يقطنه اقل من الف شخص ، وكل شخص بما فيهم قداسة البابا – الذي هو رئيساً للدولة ورئيساً روحياً للكاثوليك في العالم – هو الماني ، وكما هو معروف فإن الكرسي الرسولي تم الاتفاق على صبغته السياسية بعد معاهدة اللاتيران عام 1929 .
اللهم اشهد اني بلغت