هل هذه هي مهام بعض التيارات الإصلاحية الملونة المشبوهة؟ بقلم ابراهيم كريم
تعتقد الإدارات الأمريكية بأن خداع الشعوب إنما يكون بطرحهم لوعود بنشر الديمقراطية والإصلاح في أرجاء المعمورة. ويظنون بأنهم إذا ما أطلقوا العنان للخونة والعملاء بعد أن يعلقوا بعنق كل منهم قلادة ملونة كتب عليها الديمقراطية
أو الحرية أو الإصلاح أو إسقاط أنظمة الطغيان فإن الشعوب ستتبعهم تلقائيا علها تظفر بما يناسبها من الشعارات المعلقة بهذه القلادات. وبظنهم أنهم بذلك يدفعون الشعوب لتسير إلى المكان المرسوم لتجمع هذه القطعان من الخونة والعملاء, حيث تنفرد بهم الإدارات الأمريكية وإسرائيل وقوى الاستعمار لذبحهم وسلخهم بمنتهى الهمجية والإجرام والإرهاب.ولهذه الأسباب تستقل الإدارات الأمريكية وإسرائيل وحلفائهما من الأنظمة الأوروبية والعربية والإسلامية كي تكون الغلبة لهذه التيارات الإصلاحية والملونة التي تأتمر بأوامرهم في أرجاء المعمورة لخداع الشعوب بألوانها البراقة التي تحمل شعارات وقيم سامية زيفت من مضامينها لتحقيق أغراضهم الاستعمارية والإرهابية والإجرامية الدنيئة. فبعض هذه التيارات الملونة والتي أطلق عليها تسميات شتى كنشر الحرية والديمقراطية والإصلاح إنما مهماتها محصورة لتحقيق:
1. تعميق الشروخ الاجتماعية والمذهبية والطائفية والقوميات في المجتمعات لإشعال نيران الحروب والفتن الأهلية.
2. نشر الفساد وتشويه القيم والقضاء على الأخلاق والإساءة للأديان السماوية والمعتقدات وإذلال العباد.
3. تشويه صورة تيارات الإصلاح والتغيير والتي تسعى إلى تحقيق الإصلاح والتغيير المنشود في بلدانها ومحاسبة المفسدين وكل من استغل المال العام أو دفع بالوطن ليرزح تحت دين بعشرات المليارات من الدولارات.
4. تهديم سور الأمن والطمأنينة والأمان الذي تستظل بظله الشعوب,وتدمير الوحدة الوطنية.
5. إضاعة استقلال البلاد الذي تحقق بفضل كثير من التضحيات وترك الوطن عرضة للتشرذم لعدة كيانات.
6. دفع البلاد نحو دياجير الجهل والتخلف وهدر حقوق المواطنين في كافة المجالات, وتشجيع أعمال القتل والإجرام والإرهاب لكي تنتعش ظواهر الترمل بين النساء والرجال ووجود الأطفال اليتامى بالملايين.
7. ترك أبواب ونوافذ هذه البلاد مفتوحة وسائبة لكل ما هب ودب من شركات متعددة الجنسيات وشركات أمنية مكتظة بجحافل المرتزقة بحجة إعادة البناء والإعمار من جديد. بحيث يضمنون هدر ثروات البلاد وتحقيق الأرباح الخيالية, وإعادة بنائها من جديد لضمان مصالح إسرائيل والامبريالية وقوى الصهيونية والاستعمار.
8. تحويل البلاد إلى ساحات حروب وقتال بين المذاهب والطوائف من مختلف الأديان.
ولذلك لا غرابة ولا عجب حين نراهم يدعمون هذه التيارات المشبوهة التابعة لهم والمنضوية في تنفيذ مخططاتهم العدوانية والإجرامية والإرهابية بكافة السبل والوسائط وبكل ما يلزم ليضمنوا فوز مرشحيها في كل مكان لعدة أسباب.أهمها:
• فهذه التيارات الإصلاحية ستكون بالمحصلة تيارات يمنية تضم الليبراليين الجدد المتصهينيين وبعض النخب الطبقية المتورطة بالفساد بعد أن استحوذت على جزء كبير من الثروة مع من لفظهم النظام أو ممن شعروا بأن النظام لم يعد مربحا لمصالحهم, إضافة لبعض الخونة والعملاء وممن يسهل شراءهم بالمال وبعض الجهلة والغوغاء. وهذا التيارات على استعداد تام للقبول بالتبعية وربط بلادهم بالغرب وحتى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
• وهذه التيارات اليمينية الليبرالية تكون أكثر قدرة على الخداع والتضليل حين يلبسونها لباس الإصلاح والتغيير, وهي على أتم الاستعداد لفتح أبواب بلادها على الغارب للبنوك الخاصة والأجنبية, بذريعة أن بلادها تواجه صعوبات اقتصادية جسيمة. وهي ستسعى حثيثا لإعاقة مشاريع التنمية الاقتصادية وإلى تجميد المشاريع الحيوية والإستراتيجية, والإنقلاب على التحالفات الدولية والإقليمية المعادية للاستعمار والامبريالية والصهيونية وإسرائيل بحجة عدم إغضاب أسيادها لحاجة بلادهم الماسة للقروض. ومن ثم الادعاء بعدم قدرة بلادهم على مواجهة قوى الامبريالية والاستعمار مما يسهل عليهم محاربة وعداء المشروع الوطني وقوى المقاومة الوطنية.
• وهذه التيارات تعج بخليط عجيب غريب من دعاة العلمانية أو ممن ينتمون إلى الليبرالية والأصولية المتحجرة. أو من الملتحون بلحى طويلة أو قصيرة أو حليقي اللحى, وتجمعهم أهداف شتى أهمها الإساءة للعلمانية والأديان السماوية وتمزيق الأوطان وسرقة المال العام ونشر الأحقاد والفتن والصراعات بين شرائح المجتمع.
• والإدارات الأمريكية وحلفائها يعولون كثيرا على بعض الدول لقدرتها على إنقاذهم من الغرق في بعض المستنقعات.والتعاون مع رئيس إصلاحي أو تيار إصلاحي يحظى بالأغلبية في مجلس نيابي في هذه الدول فصلوه على مقاسهم يسهل عليهم التفاوض وتحقيق مصالحهم بدون أن يقدموا أية تنازلات لهذه الدول.
• ووجود هذه التيارات الإصلاحية المشبوهة في سدة الحكم في بعض الدول يضمن لهم فك عرى تحالف وارتباط النظام في هذه الدول بقوى المقاومة الوطنية وقطع الدعم والمساعدات عنها, مما يسهل عليهم وعلى إسرائيل وحلفائهم القضاء عليها أو اقتلاعها بيسر وسهولة. أو أن يدفع مثل هذا الإجراء بفصائل المقاومة للرضوخ لإرادة أنظمة العمالة والوسطية والاعتدال المحسوبين على العروبة والإسلام. وهذا ما يردده بعض مرشحي هذا التيار الإصلاحي المشبوه من أن بلادهم وجماهير وطنهم هم الأجدر والأحق بهذه الأموال التي كان النظام السابق يهدرها بدعمه لفصائل المقاومة الوطنية. وبذلك تسير الحلول الاستسلامية وتصفية قضايا الشعوب العادلة بيسر وبسرعة وعلى أحسن ما يرام. ولن تتكرر هزائم الإدارات الأمريكية وإسرائيل وقوى الاستعمار في أي عدوان مستقبلي قد يرتكبوه من جديد. ولن يهزموا كما هزموا في غزوهم للعراق أو في عدوانهم على لبنان وغزة بفضل وجود رؤساء وطنيين وشرفاء وأحرار كالرؤساء بشار الأسد وأميل لحود وأحمدي نجاد.
• ووجود رئيس إصلاحي على سدة السلطة في بلد ما سيريح الإدارة الأمريكية وحلفائها وإسرائيل من كثير من الملفات بما فيها الملف النووي إن وجد. فالرئيس الإصلاحي الجديد سيتراجع عن المشروع تحت ذرائع شتى.
• ووجود رئيس إصلاحي في بلد ما سيسهل على الإدارة الأمريكية التفاوض معه حين تضغط عليه. وحينها لا يجد أمامه من سبيل سوى الاستسلام لمطالب الإدارة الأمريكية وإسرائيل وحلفائها من الأنظمة الغربية والعربية والإسلامية كي يتلافى عزله أو استبداله بآخر من تياره أو يتجنب فرض طوق العزلة عن بلاده.
• ووجود تيار إصلاحي على سدة الحكم والقرار في دولة من الدولة يسهل عليهم دفع السلطة بهذا البلد لمعاداة جيرانه أو شن الحرب على خصومهم كما فعل الرئيس الجو رجي ميخائيل ساكاشفيلي حين أصدر أوامره لقواته بشن عدوان إجرامي وإرهابي على جيرانه وعلى روسيا بدون سبب سوى خدمة لتحقيق مآرب أسياده.
• والتيار الإصلاحي سيتاجر بقضية المرأة من حيث المطالبة بتحقيق حقوقها, في حين نرى أن أكثر ما تنتهك فيه حقوق المرأة إنما يكون عند فوز مثل هذه التيارات. فالتيار الإصلاحي يطرح موضوع المرأة للمتاجرة فقط.
• والتيار الإصلاحي المشبوه لن يكون له مواقف متشدّدة مزعجة للإدارة الأمريكية وإسرائيل لأنه سيكون عديم الجدوى والفعالية والتأثير في المنطقة والعالم لغرقه في أمور ونزاعات داخلية بحتة لا حلول حالية أو مستقبلية لها.
• وفوز التيار الإصلاحي سيوفر على أية إدارة أمريكية تحقيق مقولة هنري كيسنجر الذي صرّح بأنّه : يجب اللجوء إلى تغيير النظام في حال فشل الاحتجاجات في بلد ما في إحداث التغيير الأمريكي المطلوب.
• والتيار الإصلاحي المشبوه لن يسعى لتحقيق قفزات نوعية تكنولوجية في مجالات التنمية والصناعة والزراعة والتطوير والبحث العلمي ، أو حتى مجرد التفكير في بناء مفاعلات نووية للأغراض السلمية. فأسياده يحظرون عليه حتى مجرد هذا التفكير. فدوره محصور بإدارة صراعات وحروب داخل مجتمعه ووطنه ومع جيرانه.
والمضحك أن مثل هذه التيارات الإصلاحية لا وجود لها في دول تحكم وفق أعراف وتقاليد قبلية وطائفية وأسرية بالية تحتكر الأسرة كلّ المناصب الهامة في الدولة. وحتى أن الإدارات الأمريكية لا تسمح بتغيير هذا النهج الموروث والمزمن في الحكم.ولا أحد من حكام الغرب أو رموز الإدارات الأمريكية ينتقد هذه الأشكال المتخلفة في الحكم التي تهدر فيها حقوق مواطنيها وثرواتها, ولا حتى ينتقدون الفساد المستشري فيها. بل على العكس جميعهم يتلقون الهدايا والأوسمة من قادتها،ويتسابقون لعقد الصفقات معها, ويشيدون بقياداتها وحكمة قادتها وسياساتها,وديمقراطية أنظمتها وحرية مواطنيها.
لذلك نرى الدعم الأمريكي والغربي للتيارات الإصلاحية المشبوهة فقط في الدول التي تقف بحزم في التصدي للمشاريع الاستعمارية أو الصهيونية ولمنطق الهيمنة,وترفض تصفية قضية فلسطين وهدر حقوق الشعوب بما فيها حق الشعب العربي الفلسطيني.أو في الدول التي وقفت وتقف ضد العدوان الأمريكي على العراق والعدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة.