عربات الحمير تهتم بنظافة شوارع غزة بعد توقف الشاحنات بسبب الحصار
غزة (قطاع غزة) (ا ف ب) – باتت العربات التي تجرها الحمير الملاذ الاخير لآلاف الفلسطينيين العاطلين عن العمل في مدينة غزة حيث توظفهم البلدية لسد عجزها عن جمع القمامةبعد ان توقفت سبعون بالمئة من شاحناتها المخصصة لهذه المهمة بسبب الحصار الاسرائيلي على القطاع.
وقال ابراهيم بدوي (24 عاما) الذي كان يجمع القمامة من سوق الشيخ رضوان للخضار بيديه العاريتين المتسختين، لوكالة فرانس برس "لولا هذا الحمار لما حصلت على عمل في بلدية غزة".
واضاف هذا الشاب وهو يرفع بعض بقايا السمك الملقى على الارض وينتشر عليه الذباب ان "هذا الحمار يؤمن الطعام لافراد عائلتي الخمسة منذ ثلاثة شهور حين بدأت العمل في البلدية".
واكد المهندس عبد الرحيم ابو القمبز مدير ادارة الصحة والبيئة في بلدية غزة "في السابق كان يتم جمع القمامة بواسطة اليات متخصصة وشاحنات يبلغ عددها 60 شاحنة في بلدية مدينة غزة. الا ان الحصار وما ترتب عنه من الانقطاع التام لقطع الغيار ادى الى نقص عدد الشاحنات الى اقل من عشرين".
وتفرض اسرائيل حصارا محكما على قطاع غزة منذ ان سيطرت عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في حزيران/يونيو 2007.
واكد ابو القمبز "لذلك اضطرت البلدية للبحث عن وسيلة اخرى لجمع القمامة (…) وتم تشغيل 300 عامل مع عربات الحمير الخاصة بهم براتب 300 دولار للعامل".
وتوفر البلدية هذه الوظائف بصفة دورية بعقود قصيرة مدتها ثلاثة اشهر، تمدد احيانا ما يتيح الفرصة للمئات من العاطلين واصحاب العربات المشدودة للحصول على فرصة عمل.
ودفعت هذه الشروط محمد ابو نحل (28 عاما) الذي كان يعمل في الخياطة قبل الحصار الاسرائيلي الى ان يقوم "ببيع ذهب زوجتي لاشتري حمارا ب500 دينار (700 دولار) حتى استطيع الحصول على عمل في البلدية".
لكن هذا الشاب النحيل الذي يعيل ثلاثة ابناء ليس راضيا عن عمله. ويقول"اعمل في البلدية منذ ثمانية اشهر". ويتابع انه اصيب بآلام الظهر، موضحا "نحن نحمل حجارة ثقيلة من مخلفات الحرب الى جانب القمامة لكن ليس باليد حيلة".
وشنت اسرائيل هجوما على قطاع غزة في 18 كانون الثاني/يناير استمر 22 يوما واسفر عن مقتل اكثر من 1400 فلسطيني، حسب ارقام فلسطينية.
وازداد الوضع سوءا بسبب الاضرار التي لحقت بالبنية التحتية نتيجة الحرب الاسرائيلية التي خلفت دمارا هائلا اسفرت عن مقتل اكثر من 1400 فلسطيني في نهاية 2008 وبداية 2009.
واوضح ابو القمبز ان "مدينة غزة تنتج يوميا حوالى 600 طن من القمامة"، مشيرا الى ان هذه العربات "تقوم بلم اكثر من 400 طن منها يوميا وبتجميعها في مناطق محددة قبل ان تنقلها الشاحنات الى المكان المخصص للردم".
وقال ابراهيم بدوي الذي كان يعمل في البناء قبل ان تحكم اسرائيل حصارها لقطاع غزة منذ ان سيطرت عليه حركة حماس "اتقاضى من البلدية 300 دولار اصرف منها مئة دولار على الحمار ويتبقى لي ولعائلتي مئتا دولار نجدها افضل من لا شئ".
ويقاطعه زميله سميح شنن (40 عاما) وهو يلوح بيده ليطرد عنه العشرات من الذباب والحشرات المنتشرة في الجو، قائلا ان "عشرة اشخاص يعيشون من عمل هذا الحمار (…) حاولت ان اجد عملا لأعيل افراد عائلتي العشرة لكني لم اجد".
ويضيف بحسرة وهو يفرغ القمامة التي جمعها في عربته "كنت اعمل في اسرائيل واحصل على دخل ممتاز لكن اسرائيل اغلقت الطرق واغلقت معها رزقنا".
وتشترط بلدية غزة على العامل ان يستوفي شرطين للحصول على العمل اولهما ان يمتلك عربة تجرها دابة والا يقل عمره عن 18 عاما.
واكد بدوي ان "البلدية تعاين الحمار قبل ان تعاين العامل".
اما التاجر محمد ابو نصر صاحب مصنع ابو النصر لصناعة عربات الحمير في حي الزيتون، فقال ان "هناك اقبالا شديدا على العربات ما ادى الى ارتفاع ثمنها من مئة دينار (130 دولار) الى اكثر من 500 (700 دولار) في بعض الاحيان تبعا لنوعية الخشب والعجلات المستخدمة".
ويعزو التاجر هذا الاقبال الى "تشغيل البلدية لاصحاب العربات في جمع القمامة".
لكنه ذكر سببا آخر لرواج هذه العربات، قائلا ان "كثير من الناس اصبحوا يفضلون العربات بعد ان دمرت الحرب الكثير من الشوارع والطرق بحيث يصعب على السيارات الدخول فيها".
ويضيف محمد الذي ورث هذه المهنة عن والده وجده "اقفلنا هذا المصنع منذ عدة سنوات الا اننا اعدنا فتحه بعد الحصار الاسرائيلي الذي ادى الى الارتفاع الخيالي في اسعار السيارات مع سوء الوضع المادي للناس وزيادة الفقر".
ويتابع "الناس اصبحت تفضل العربات فهي غير مكلفة ولا تحتاج فيما بعد الى تصليحات".
واكد ابو القمبز ان "باقي بلديات محافظات قطاع غزة بدأت هي الاخرى تطبيق هذه الطريقة (الاستعانة بعربات الحمير) لانها اثبتت نجاعتها في الظروف التي نعيشها".