التموضع الجديد لزعيم المختارة السيد وليد بقلم العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
وأخيرا قرر السيد وليد جنبلاط أن يتحشد ويتموضع هو وحزبه ومريديه في تحالفاتهم السياسية من جديد. ويحتار المحللون السياسيون في الاعلام والفضائيات بتفسير سر هذا التموضع والموقف الجديد من السيد وليد.
وخاصة حين أنهمكوا في الاعلام والفضائيات بإيجاد التفسيرات لسر هذا الموقف الجديد من السيد وليد.
1. فالبعض اعتبر أن موقفه الجديد مرحلي أو تكتيكي أو أستراتيجي أو فرضته عليه الظروف.إلا أن المتابع لتصريحات السيد وليد لم يفاجيء بهذا الموقف ويرى أن في هذا التحليل خطأ كبير.
2. والبعض أعتبر أن وليد ناكر للجميل ونموذج للغدر فريد. فهو من تحالف في الانتخابات مع حزب الله عام 2005م لكنه سرعان ماتركه ليتحالف مع 14آذار. وهاهو الآن يعيد الكرة فيترك فريق 14 آذار الذي تحالف معه في الانتخابات ليتحالف مع محور جديد. ولكن فات هؤلاء أن السيد وليد جنبلاط يمقت الكره والغدر والحقد أتى من الخصم والعدو أو من الحليف والصديق.
3. والبعض أعتبر أن أجتماع وليد مع السيد حسن نصر الله وماجرى بينهما من حديث كان له تأثير كبير. وهؤلاء يتناسون أن السيد يمتهن الحزبية والسياسة دوماً وهو حر وطليق.
4. والبعض يلقي بالائمة على بعض زعماء فريق 14 آذار حين ظنوا أن السيد وليد بات طوع إرادتهم وبأمس الحاجة إليهم بعد أن قطع أشواطا كبيرة في عدائه لسوريا لم يقطعها أحد غيره حتى في عز الحرب الأهلية.ويستشهدون بقول السيد وليد حين قال:ذهبنا إلى المعقول وإلى اللامعقول, والعاطفة هي من تغلبت على المنطق في بعض الأوقات. وقد يكون هذا التحليل في أحد جوانبه صحيح.
5. والبعض يرى أنه منذ منتصف شهر آيار من العام الماضي والسيد وليد يوميء بكثير من الإشارات لزعماء فريق الموالاة دون أن يأبهوا لها أو أن يكلفوا أنفسهم عناء فهم كنها أو معالجة ما للسيد وليد عليهم من مآخذ باتت تزعجه وتقض مضاجعه.فالسيد وليد شعر يومها أنه اعطى حلفائه اكثر بكثير من حجومهم وطاقاتهم حتى بات كل منهم أشبه ببالون منفوخ تعبث فيه الريح. فظن البعض منهم أنه الزعيم الوحيد في فرض مايريد.ول هذا لم يجد السيد وليد أمامه من حيلة سوى صدمهم بخطاب جديد يخلط فيه الأوراق من جديد ويحدد للجميع خصما كان أم عدوا أو صديق كل ما يريد.ويمنحه فرصة لمتابعة ترتيب علاقاته وتحالفاته من جديد. وبذلك يكون قد حدد لحلفائه المطلوب منهم لكي يتمكن قطار 14آذار من متابعة سيره جديد.ويرسم لهم معالم الطريق الجديد.والذي يتلخص:
· على حلفائه أن يعرفوا أحجامهم الحقيقة, فوليد هو الرقم الصعب وصاحب القرار الوحيد.
· وأنه بجنوحه كثيرا في عدائه للقيادة السورية الذي سر كثيرا زعماء فريق الموالاة حين ظنوا أنه لم يترك لنفسه خطا للرجعة او مطرحا للصلح حين حافظوا هم على خط معبد للرجعة. فهو لن يكون رأس رمح في عدائهم لسوريا لإرواء حقدهم الظاهر والمستتر والدفين.
· وسوريا ستبقى الشقيقة والجار والصديق للبنان والعلاقات فيما بينهما يجب أن تبقى مميزة.
· وأنه كان السيد في مامضى ولن يسمح لحلفائه في تحالف 14 آذار أن يحولوه إلى مجرد رقم وعدد ليس له من تأثير, ولن يقبل أن يكون مجرد تابع لكل ماهب ودب في هذا الفريق.
· وأ نه إذا كان سعد الحريري يريد أن يثبت لأسياده وحلفائه أنه ليس كوالده, وأنه لن يسمح لأحداَ أن يبتزه.وأن نظرية والده في أحتواء خصومه ومناصريه لم تعد قائمة.وأنه هو زعيم 14آذار الوحيد.فالسيد سعد الحريري سيكون قد أرتكب خطأً بهذا المنحى وهذا التصرف والسلوك.فوليد جنبلاط ما أنتهج أسلوب الابتزاز في حياته وما كان بمقدور أحد أن يحتويه.
· وأن كل ما أنجزته حركة الأرز إنما يعود الفضل فيه للسيد وليد وحزبه ومناصريه.
· وأن فريق 14 آذار بزعمائه وقواعده كانوا ومازالوا هم من أستفادوا بتحالفهم مع السيد وليد يحصدون الغلال والأموال بينما هو من كان ومازال الخاسر والمتضرر الوحيد.
· وأنهم جميعا أنهمكوا بالحفاظ على تراث وتاريخ ابائهم, في حين كان هو الأحق بالحفاظ على تراث وتاريخ أبيه. فأبوه هو من كان يتزعم القوى الوطنية في لبنان وله دور ريادي في العالم والوطن العربي وذوو أيادي بيضاء وتاريخ ناصع ومشرف في حين كان بعض زعماء قوى 14 آذار تاريخهم مشين أو نكرات أو سليلوا حديثوا نعمة لم يكن سابقا لهم من وجود.
· وأنه إذا كان من حق بعض حلفائه الدفاع والإنتصارلطوائفهم ليتخذوا منها ستراً لتصرفاتهم, فوحدة طائفة الموحدون أصابها الضر بسببهم مع أنها ذات تاريخ نضالي مشرف وعريق.
· وأن على كل حليف من حلفائه أن يتذكر انه في العقود الثلاثة من القرن العشرون كان هو صاحب القرار وهو من يمنح الأمن والآمان والاستقرار للآخرين.ولذلك لن يسمح لنفسه اليوم أن يكون مرؤوساً لكل غلام وصبي ومستشار وقريب في تيار المستقبل وهذا الفريق.
· وأن على حلفائه أن يتذكروا أنه كان هو ووالده الشهيد عامل أستقرار للبنان, وعلمان من أعلام النضال ضد قوى الاستعمار والصهيونية على المستوى العربي والعالمي. و كان له دورا في إسقاط أتفاق 17آيار. ولذلك لن يقبل بأن يتحول في ظلهم إلى قشة في مهب الريح.
· وأن القوات اللبنانية أضاعت البوصلة وتتناسى من يكون السيد وليد جنبلاط حين أعترضت على فكرة اللجان الأمنية مع حزب الله,أو حين راحت تزاحمه على حقائبه الوزارية. فحتى خروج قائدها سمير جعجع من السجن ما كان ليتم لولا جهود السيد وليد.
· وعلى حلفائه أن يتذكروا أنه بتحالفه الانتخابي مع فريق 14آذار بات خسر كثيرا من قواعده ومناصريه .وحتى أنه خسر دائرة بعبدا بتحالفه معهم وهي من كانت حكراً لمرشحيه.
· وأعتبر أن الإنتخابات النيابية التي أجريت ويفاخر البعض بها إنما كان الدور فيها للطائفية و المذهبية و المال السياسي والعشائرية والتي لم يشهد لبنان عبر تاريخه مثالا لها من حيث رجعيتها وتخلفها. وأن الحكومة المقترحة يجب أن تشكل على أساس أن تكون حكومة وحدة وطنية.
· وعلى زعماء فريق الموالاة أن يعرفوا أن السيد وليد وإن كان يسير معهم في هذا التحالف فإنه يعرف ما حقق كل منهم من مكتسبات لشخصه ولاسرته ولحزبه أو تياره بينما كان السيد وليد هو الخاسر الوحيد. فمنهم من ورث منصب رئاسة الوزارة أو قيادة التيار أو زعامة الحزب من أبيه. ومنهم من ورث زعامة حزبه لإحد بنيه, أو أستعاد الزعامة من زوجته, ومنهم من أستغل الشعور العاطفي لعملية أغتيال الشهيد الحريري فسطا على زعامة منطقته, ومنهم من أستغلها لاصلاح ذات البين أو لتدعيم روابطه مع واشنطن وباريس ودول الخليج.
· وأن زياراته هو وغيره لواشنطن في ظل جورج بوش أو تحالفهم معها كان أثماً وخطأً كبير. وحتى كل من أجتمع أو أجرى محادثات مع واحد من فريق الصقور أو المحافظون الجدد أو جورج بوش أو غوندليزا رايس أو ديك تشيني أو فيلتمان أساء لنفسه وللبنان والعروبة والمسلمين والمسيحيين.فهؤلاء كانوا شلة منافقين وكذابين ومجرمين وإرهابيين.
· وأن البعض من زعماء فريق 14 آذار أساء إلى السيد وليد إساءات يعجز عنها الوصف والتعداد.وهو لن ينسى زيارته لأمين الجميل مع وفودا اخرى في بكفيا.فراح أمين الجميل يعرض عليهم فيلما في السهرة يسيء للرئيس الراحل جمال عبد الناصر, وكأن السيد أمين جاهل بأن الرئيس الراحل كان صديقاً عزيزاً عليه وعلى حزبه وجماهيره ووالد وليد.
· وأن في الخبر الذي نشرته مجلة دير شبيغل الألمانية هناك آثار أيدٍ لحليف من 14آذار.
· وحدد للجميع أن موقفه هو التمايز عن فريق 14آذار, فهو سيبقى حالة مستقلة داخل الفريق.وأن موقعه سيكون إلى جانب رئيس الجمهورية الذي توافق عليه الجميع. وأنه سيكون في صف الدفاع عن العروبة والحقوق المغتصبة و دعم الشعبين الفلسطيني والعراقي اللذان تعرضا للعدوان الهمجي والانتصار للفقراء والمظلومين والمضطهدين من الشعب اللبناني.
فات على كثير من المحللون السياسيون وحلفائه أن السيد وليد أعتذر عن قبول دعوة لزيارة واشنطن قدمها له أحد مرافقي الموفد الأمريكي ميتشل حين زار لبنان. وفات عليهم أنه غضبه من كثرة المستشارين والطباخين في فريق 14آذار وتيار المستقبل, والذي ينظر إليهم وليد على أتهم جهلة ومغرورين. وفات عليهم حنقه من تصرفات البعض وخاصة حين لحق سامي الجميل بميشال المر إلى سيارته حين حضر للتعزية بإغتيال شقيقه الوزير وراح يصر عليه بأن يوضح دوره وعلاقاته بالجهاز الأمني أثناء فترة الوصاية. ثم إتهام أمين الجميل لميشال المر بأنه أستغل إقامته خارج لبنان وقام بالسيطرة على قواعد حزب الكتائب وسخرها ووظفها لخدمة مصالحه الشخصية والانتخابية وحتى أنه فرض ميرنا المر وبعض أقاربه رؤساء بلديات في القرى والبلدات التي تدين بالولاء لحزب الكتائب, فإذا به يرى تحالف وطيد يقوم من جديد بين الكتائب وميشال المر يقوده سامي الجميل نفسه وكأن الخلاف مصطنع أوليس له من وجود.والسيد وليد لايسره أن يتحول من شخصية وطنية وقومية ونضالية مرموقة على الصعيد العربي والعالمي كان خلالها يستقبل بالترحاب من زعماء ورؤساء دول العالم إلى شخصية ثانوية وهامشية يجتمع بمجرمين وإرهابين كديك تشيني وغونداليزا رايس وفيلتمان,أو سفراء مغمورين عرب وأجانب بعضهم بفضل تعاونه معهم وتسهيل أمورهم رُقي إلى منصب وزير في بلاده أو معاون وزير كالسفير جيفري فيلتمان أو سفير كالسيدة سيسون.فهو إنما يريد إستقبال القادة وباقي الزعماء ورؤوساء الأحزاب والوزراء والسفراء بدون أستثناء. وقد يكشف السيد وليد الكثير من الأمور وقد يكشف أسماء ليفضحها على ما خدعوه أوضللوه أو جروه لعداء سوريا بتقديمهم المعلومات الكاذبة للسيد وليد.
ولكن مهما قيل ويقال عن خطاب السيد أبو تيمور في فندق البوريفاج إلا أنه حقق مبتغاه وترك حلفائه في حيرة وتخبط من أمرهم ومن موقفه الجديد. و تجلى ذلك بوضوح من خلال ماصدر من ردود وهذا بعض منها:
· فالأمير سعد الحريري بعد أن سمع الخطاب أوعز لتياره بالرد عليه. فجاء الرد في غير محله وعاد عليه وعلى حلفائه بأفدح الأضرار فأضطر للسفر إلى منتجعات سردينيا طلبا للراحة والاستجمام.
· وأحد الزعماء سارع بدون تروي ليقول أن وليد قدم بهذا الخطاب أوراق أعتماده لدمشق.
· ووزيرة ردت على وليد بتصريح إن سألتها تفسيراً لفحواه لوجدتها عاجزةً عن التوضيح.
· ووزير سابق رد على وليد بأن تيار المستقبل هو التيار الوحيد الذي خاض الانتخابات ببرنامج متكامل. وبهذا التصريح المتسرع تناسى أنه إنما قصف بالمدفعية معاقل وقلاع تحالف الموالاة.
· وآخر أعتبر أن التقارب السعودي السوري سيعيد الاعتبار إلى الوجود السوري في لبنان.ولاندري إن كان بهذا الكلام أراد أن يبرر التموضع الجديد للسيد وليد أو أنه راح يخطأ السيد وليد.
· وآخر من فريق 14 آذار أعتبر أن هجوم جنبلاط على الفكر الانعزالي لم يكن موجها إلى فريق 14 آذار وإنما كان موجها لمجموعات تمارس الانعزال والتقوقع داخل حزب السيد وليد.
· وقيادي كتائبي أعتبر أن تكويعة السيد وليد إنما هي تراجع منه عن شعار لبنان أولاً,ومحاولة من وليد لرأب الصدع مع دمشق لترتيب زيارته إلى دمشق.إلا أنه بلهجة تهكمية راح يتبجح ويقول: أن زيارة السيد وليد إلى دمشق من المرجح لها أن تتم في القرن الحادي والعشرون.
ربما أراد السيد وليد من خطابه أن يكون أشبه بقنبلة صوتية, إلا أن آثارها جاءت مدمرة على أكثر من صعيد.فالسيد وليد هو من بات يحدد فريق الأكثرية, أو من يحدد فريق الوسطية.وطاولة الحوار المزمع عقدها بعد تشكيل الحكومة سحب منها ملفات مناقشة سلاح حزب الله.وحتى نقاش طبيعة العلاقة السورية اللبنانية قرره السيد وليد سلفا رغم أنوف من يكن العداء لسوريا حين أ صر على أن العلاقات السورية اللبنانية ستبقى مميزة. والأبواب والنوافذ الذي فتحها البعض مع إسرائيل رجمها السيد وليد بالحجارة وأتلف معظمها. فالعدو حدده السيد وليد رغم أنوف بعض زعماء فريق 14 آذار على أنه إسرائيل فهي عدو لبنان الوحيد.