قصة لم تكتمل..عن مها.. بقلم محمد حيان الأخرس
كيف تموتون وحدكم و تتركوني.. هذا الخراب الطافح.. لمن تركتموه..؟ لي ..؟ جثثكم .. المدينة المتصدعة.. والرصاص.. والأصابع المحروقة بالأسيد .. ماذا أقول عنها ..؟؟؟
الأصدقاء الذين قطفت أجسادهم عن أغصانها..
نعم .. أصدقاء الطفولة..
وبيتنا القديم…شجرة الرمان…..
ابنة الجيران ذات الخمسة أعوام، ماذا أقول لأطرافها الجميلة الصغيرة، والمبتورة بحربة بندقية..؟؟؟؟
// هامش للحربة الصدئة:
حين اندحتُ في أطراف مها.. شعرت أني أذبح قمراً عالياً.. كان حدي يدخل في لحمها الذي من حمام وبنفسج .. يدخل عميقاً في دفء النبض.. يدخل إلى عظام الروح.. يكسّر التراتيل الشاهقة حتى يسيل دم الصباح على مقبضي.. والذي أشعل في فولاذي رقصة الجنون…
كنت أنغرز أكثر في سهول لحمها الطري إلهاً من غبطة وفرح…
أجل ..
حين كنت أنغرز.. هكذا.. في لحمها الطري.. كنت أشعر أني أذبح الأرض والتراب والسماء….
/// هامش للرقص الطويل:
رجال ملثمون، يحمون الله من جنود يحمون الله من رجال ملثمين….
وأنا ومها نحمي الله الساكن فينا، من زخات رصاص الجانبين …
– تقول مها : " عمو " لمن كل هذا الرصاص الشارد في الشوارع أنياباً، تبحث عن لحم تنغرز فيه …؟؟؟
– تقول مها: ما الذي يحدث لو لملمنا كل هذا الرصاص، وصنعنا منه ألعاباً وأراجيح…؟؟
– تقول مها : هلمى بنا نزيح غيمات الرصاص عن المدينة، ونتعمد كما تعمد الطيبون بنزيف العاصي.. نغسل وجوهنا بماء الفرات ودجلة، نغسلها من الحزن والألم والموت ..؟؟؟!
– تقول : انظر .. ألم أقل لك أن الرصاص سيتوقف..؟؟؟
وتندفع نحو الشوارع.. تهرول بفستانها القصير.. ترقص منتشية بانتصارها، وتندفع في الرقص حتى سدرته، لتجمع في جسدها الغضّ الطري، الرصاص والقذائف والشظايا والله….
عندها تحولت المدينة إلى حربة صدئة.. قطّعت بساتين مها وأطرافها شجرة .. شجرة.. وغصناً .. غصناً ….
//// هامش الشعراء :
نكتب عن مها
مدينة صغيرة..
أو دمية من غناء ..
عن برتقالها العصي عن البكاء..
عن أغصانها التي تنهمر منها الطفولة
تستحيل حدائق ..
وعشب يزقزق بالطفولة، والخضرة اليانعة….
///// هامش للخطيب الأعمى:
تعالوا لننسى أمواتنا وشجعانكم، قتلانا وأبطالكم..
تعالوا لنرفع إلهاً واحداً نبتهل إليه، أن يساوي قتلانا بشهدائكم..
تعالوا إلى كلمة سواء.. تقرّب قلوبنا من قلوبكم.. وسجودنا من سجودكم ..وأطفالنا من أطفالكم …
" وقبل أن يتم الخطيب البارع خطبته’ كشفت له مها أطرافها المبتورة، فبكى حتى تحول إلى ساقية صغيرة، ابتلعها بحر البكاء والدم الكبير,,"
////// هامش للراوي الأول:
وتقدم الإمام علي قدّس الله سره وسركم يا سادة يا كرام.. يحمل في كفه تسعين سيفاً، وكان في كل ضربة يجندل ألف ملثم حقير..من أصحاب معاوية ومن خلفوه… يا سادة يا كرام ….
/////// هامش للراوي الثاني:
وهجم الملثمون الذي يخافون الله وكتبه ورسله ويحبون صحابته من أبي بكر إلى معاوية … نعم يا سادة يا كرام .. هجم الملثمون على جيوش الكفر الذين يدّعون أنهم أصحاب علي رضي الله عنه.. ورفعوا راية الإسلام عالياً فوق الخوازيق والخناجر والدبابات والرصاص.. وسقط الشهداء تباعاً في ساحة الوغى ….. يا سادة يا كرام …
//////// هامش للبيوت المهدمة:
…………
……………….
………..
///////// هامش للجنود المقتولة:
……………….
………….
////////// هامش للأجساد التي فقدت رؤوسها :
……………..
………………………….
……………..
/////////// هامش لآلاف القتلى من الملثمين والصحابة والتابعين ولكل من قدس الله سره:
……………….
…………………….
……………………………..
//////////// هامش للنهر المذبوح:
………………………………….
…………………………
……………..
///////////// هامش للهوامش:
الحرب لم تنته .. لم ينتصر علي .. ولم ينتصر الملثمون..
من مات فقط .. مها..
وما استشهد غيرها…
…….
…….