هل تحاصر “قائمة العار” حرية النقد في الصحافة العربية؟
نشرت عدة منتديات محسوبة على التيارات الاسلامية قائمة ضمت اسماء عشرات الكتاب العرب تتهمهم فيها بتبرير الهجمات الإسرائيلية على غزة وذلك لانتقادهم سياسات حركة حماس وحزب الله وإيران.
واشتدت الأزمة عندما أعاد موقع "تواصل" التابع لوزارة الخارجية الاسرائيلية نشر مقالات هؤلاء الكتاب المنشورة اصلا في عدة صحف عربية.
وفي حين يقول اصحاب القائمة -الذين وصفوها "بقائمة العار"- ان الكتاب يبررون في مقالاتهم الهجمات الإسرائيلية على غزة، ينفي عدد من الكتاب الذين تحدثنا إليهم وقوفهم إلى جانب إسرائيل. بين نقد حماس وتبرير هجمات اسرائيل
ينفي طارق الحميد، رئيس تحرير جريدة الشرق الاوسط اللندنية والمملوكة لشركة سعودية، الربط بين انتقاد سياسات حركة وحماس وتبرير العدوان الاسرائيلي.
الحميد يقول ان " انتقاده لحماس لا يعني ولا واحد في المائة الوقوف مع اسرائيل، لا احد يقف مع العدوان".
وهو ما كرره الكاتب في جريدة الوطن الكويتية خليل علي حيدر الذي قال ان العمل الفلسطيني بشكل عام كان قد تعرض على مدى مراحلة المختلفة للنقد، وخضع للدراسة والبحث، مشيراً الى ان هذا العمل تعرض للنقد عندما تبنى طريقة الاعمال الانتحارية كما يصفها خليل.
وأصاف أن "عمر هذا النقد ليس مقتصرا على فترة اشتعال الازمة في قطاع غزة، بل له تاريخ اطول. لا يمكن ان يعتبر هذا النقد تنسيقاً مع الهجمة الاسرائيلية على قطاع غزة". من يقف وراء القائمة
الدكتور فؤاد ابراهيم، الباحث في قضايا الاسلام السياسي والمقيم في لندن يقول انه يصعب توجيه تهمة للجهة التي تقف وراء القائمة، ولكن ما يمكن قوله إن الأجواء العاطفية الضاغطة في فترة "العدوان" الإسرائيلي على غزة كانت محرّضاً فعالاً على إطلاق نعوت راديكالية ضد الذين جرى تصنيف كتاباتهم بكونها مناوئة لحركة حماس وللمقاومة الفلسطينية وإلى حد ما اللبنانية.
وبرغم توزيع القائمة عبر عدة قوائم بريدية، فان وصف (العار) كان كلمة مشتركة في عدة مقالات وكتابات اخرى.
الدكتور ابراهيم يقول إن استعمال لفظ (العار) قد تكرّر في عدد كبير من الكتابات المنشورة على شبكة الإنترنت، وفي ندوات تلفزيونية، محسوبة على ما يوصف بمعسكر "المقاومة". تصفية حسابات
وصف خليل حيدر الهجمات التي تعرض لها هو وعدد من الكتاب العرب الاخرين بانها امتداد لصراع التيارات المختلفة في العالم العربي.
وقال إن بروز هذه القائمة هو "استمرار لصراع التيارات، وهي جزء من ارهاب التيار العقلاني والليبرالي في العالم العربي، بان يصورونهم كعملاء ومرتزقة".
وهو ما اتفق معه طارق الحميد الذي قال ان نقل المقالات المنشورة في الصحف واعادة نشرها على مواقع على شبكة الانترنت، لم يعد مقصورا الان على جهات بعينها، ففي عصر الانترنت والفضائيات، كما يقول الحميد، اصبح الجميع يقوم بنقل المقالات، وفي حين يفعلها البعض في اطار الحرب الاعلامية، فان البعض الاخر يفعلها لابراز اختلاف وجهات النظر.
وأضاف الحميد ان اسرائيل تلجأ لنشر هذه المقالات ضمن حملات اعلامية لا تعنيه هو شخصيا. و إنه يعتقد أن قيام اسرائيل باعادة نشر مقالاته على موقع وزارتها على شبكة الانترنت لا يبرر أن يسكت عن الانتقاد (لحماس).
وقال الحميد إن "افضل وصف لهذه الحالة هو تصفية حسابات".
الا أن ابراهيم يقول أن اللغة الحادة غير المسبوقة من قبل بعض الكتاب السعوديين والكويتيين، في ظل تفجّر غضب عالمي إزاء "محرقة" غزة، أملت ردود فعل مماثلة. الموقف الاسرائيلي
اسرائيل من جانبها، تقول ان اعادة نشر هذه المقالات على موقعها الرسمي الناطق باللغة العربية يهدف الى عكس تنوع وجهات النظر داخل العالم العربي، وتقديم هذه المقالات كنماذج للقراء العرب داخل اسرائيل.
اوفير جندلمان، الناطق الاعلامي باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية يقول إن الجمهور الاسرائيلي الذي يتحدث حوالي مليون منهم اللغة العربية يريد ان يقرأ ماذا يحدث في الجرائد العربية، مشيراً الى ان وزارته تعمد الى اعادة نشر بعض المقالات "المثيرة للاهتمام"، نافياً وجود اي تفسير آخر لهذا النشر.
واضاف اوفير "تنشر في هذا الموقع مقالات مختلفة تنتقد الجهات المتطرفة في العالم العربي بما فيها حزب الله وحماس وطبعا انتقادات لايران. وهذا امر مهم جدا، لان العالم العربي ليس عالماً موحدا، توجد تيارات مختلفة وتوجد وجهات نظر. ولكوننا جزء لا يتجزأ من هذه المنطقة، اعتقد ان من المهم ان نحاور الراي العام الاسرائيلي والراي العام العربي".
وفي حين نفى اوفير اي تنسيق مع كتاب هذه المقالات التي يعاد نشرها على موقع وزارة الخارجية، قال انه يجب ان يسلط الضوء على الاصوات التي تعلو من العام العربي والتي تريد السلام، والحوار، والتعايش.
وحول تأثير الدور الذي لعبه اعادة نشر المقالات على موقع وزارة الخارجية الاسرائيلية يقول الدكتور فؤاد ابراهيم إن قرار إعادة نشر مقالات مختارة لكتّاب وصحفيين سعوديين وكويتيين في موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية وفّر ذريعة إضافية لتثبيت فكرة التواطؤ مع "العدوان"، كما وفّر هؤلاء الكتّاب مادة سخيّة قابلة للتوظيف إسرائيلياً فيما كانت شوارع العالم تشهد مظاهرات احتجاج للتنديد بالمجازر الإسرائيلية في قطاع غزة.
ويرى ابراهيم، أن موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية قد لعب دوراً سلبياً بإعادة نشر تلك المقالات، التي أحدثت إنقساماً خطيراً في الشارع العربي، وكانت النتيجة وقوع ضرر فادح في مصداقية كتاب وصحفيين حظوا في لحظة سابقة باحترام جمهور كبير من القرّاء.